د. خيرية السقاف
تلتقيه في مكان، وأنت لم تكن قد سبقت لك معرفته..،
تمد يدك لتصافحه فتشعر ببرودتها..
سرعان ما يجلس متجنباً لك، يصيخ سمعه عنك،..
يهرب بعينيه أن تقعا عليك..،
تتحدث فيشغل نفسه بهاتفه، أو الأقرب إليه مجلساً..
وإنْ تحدث إليك فخطفة..، باهتة عبارته، لا مقروءة ملامحه..!!
تتساءل في داخلك عن سره..؟ أخجول دون انبساط..؟، أم غامض دون وضوح..؟
لأنك خالي الذهن عنه، لا تعلم أنه يعرفك ولا تعرفه، يتحامل عليك ولا تدري، جافياً لك دون أن تعلم..
مع أنه لم يلتق بك ولا للحظة في عمر الثانية، وإنك ليس لك معه موقف البتة..!
وحين تعلم، تعلم أنه يكرهك بالنيابة،.. يتحامل عليك بشعور غيره..،
ليس لأنك عدوٌّ ظالمٌ غيرَه الذي يتبنّى موقفَه، ولكن لأنّ صاحبَه ينافسك..،
ولأنك هاجس صاحبه، ومضغة كلامه..
الأمر الذي جعله دون أن يعرفك يصد عنك، ودون أن يعرفك يتحامل عليك، ودون أن يعرفك يتخذ منك موقفاً مضاداً لا مبرّر له..!!
والمتبنّون مواقف غيرهم من أصدقائهم، ومعارفهم كثر..
هم كالنار تسري تحرق الثقة، وتطمس الحقائق، وتلوّث العلاقات، وتصد مسام النقاء، ولا تتيح للحقائق باباً ولو موارباً، ولا تحرص على الحياد، ولا تعمل على تطهير النفوس من دكن الغيرة، وجشع الذات..
بمعنى مختصر هؤلاء وباءٌ يسري بين غالبية الناس، من يجعلون مطاياهم نحو غيرهم فقط رأي خاصتهم من صديق، وقريب، وزميل.. ولا يعملون على بلوغ الحقيقة بتفاصيل الأسباب بأنفسهم..!
هؤلاء يظلمون أنفسهم ويظلمون خاصتهم..
هؤلاء يفسدون نقاء البيئة، ويقيمون جُدُراً بين عقولهم وقلوبهم، ويعطلون ضمائرهم...
تهيمن عليهم ذات الصديق، فتغدو ذاتهم له المرآة..
تجدهم في كل مكان، وقد تبخر في مجالسهم الإنصاف..،
وغاب عنها جمال العفاف،..!!
فكم قابلت مثلهم، وكيف تصرّفت معهم..؟!
***
لمن قدمت فكرة المقال أتمنى أن تكون الكلمات قد أوفت..