يوسف المحيميد
أكثر ما يلفت انتباهي مؤخراً في أحاديث الأصدقاء وهمومهم، أن أكثرهم فكروا جدياً باستقدام سائق خاص لهم، كي يتخلصوا من القلق والضغط عند قيادة سياراتهم بأنفسهم، بعد أن وصلوا إلى مرحلة اليأس من تنظيم مروري جيد، يضبط وينفذ قوانين وأنظمة سير المركبات، بدلاً من هذه الفوضى التي نعاني منها يومياً!
نحن في السنوات الأخيرة نعيش تطوراً مهماً في تنظيم وهيكلة الأعمال في مختلف النشاطات والمهام، على المستويين السياسي والاقتصادي، فماذا لو تم تنظيم المجتمع وتقنين حقوق أفراده، خاصة حقوق سائقي المركبات وواجباتهم، والتزاماتهم المفروضة عليهم أثناء القيادة، حفاظاً على سلامة المواطنين، فليس من المعقول أننا برغم كل هذا التطور، والنقلات المميزة في المدن، لم نزل نشاهد من لا يكترث بإشارة المرور، أو من يرهقه الزحام المروري، فيصعد الرصيف المخصص للمشاة، ثم يقفز من آخر طابور السيارات المنتظرة، إلى مقدمته، ويقف بسيارته معترضاً السيارات الواقفة عند الإشارة!
هل من المعقول أن نشاهد سائق مركبة يقودها باتجاه معاكس؟ وفي وضح النهار وأمام الملأ؟ وعلى السائقين أن يفسحوا له الطريق حفاظاً على أرواحهم؟ ودون أن يتعرض لعقوبة السجن والإيقاف وسحب المركبة ورخصة القيادة؟ أليست هذه جريمة مكتملة الأركان؟
إلى متى ومعظم قائدي المركبات يقودون سياراتهم وهم يعبثون بهواتفهم المحمولة، يرسلون الرسائل. ويدردشون في برامج التواصل الاجتماعي؟ حتى أنك حين تسير في أحد شوارع الرياض تتفاجأ بسيارة راقصة أمامك، تهتز يميناً ويساراً، بينما سائقها يكتب في شاشة جواله ويبتسم! وقد تعترض طريقك مجموعة سيارات راقصة في الوقت ذاته، مما يزيد من احتمالات الحوادث بشكل كبير.
أين هم رجال المرور؟ هل هم في إجازات مفتوحة؟ هل هم قلّة في مدينة تمددت كثيراً، ولم يقابلها ازدياد في عناصر المرور، وضبط السير داخل مدينة ضخمة كالرياض؟ هل من ضمن الحلول توفير طواقم مساعدة من القطاع الخاص لحل الأزمة؟ كما حدث في متابعة حوادث السيارات والفصل فيها، وإشراك شركة متخصصة من القطاع الخاص، لحل أزمة انتظار طرفي الحادث المروري لساعات طويلة؟ أم أن الحل هو في استقطاب كوادر شابة ممن لم يجد عملاً، خاصة في ظل ارتفاع معدل البطالة، وتدريبهم في معهد متخصص لستة أشهر أو سنة، بهدف تعزيز الوجود المروري وتنظيم السير في الشوارع؟
لقد بلغ بنا الأمر أننا نشعر بسعادة حين نجد رجل مرور عند أشارة أو تقاطع، ويكاد أغلبنا لفرط السعادة أن يشهق: سجّل، هنا رجل مرور.