غسان محمد علوان
شدني كثيراً خبر اتفاقية نادي برشلونة الإسباني العريق مع الشركة الوطنية الرائدة في عالم الرياضة واللياقة (وقت اللياقة) لإنشاء أكاديميات رياضية تحت مظلة برنامج مدرسة برشلونة (Barcelona Escola). ومصدر اهتمامي في الموضوع أنه وكما يعلم الكثير أن أكاديمية برشلونة العريقة (La Masia)، التي قدمت لاعبين أفذاذاً منذ تأسيسها عام 1979م، لم تكن معنية بهذا التعاقد على الإطلاق. فأكاديمية مدرسة برشلونة تركز في منتجها النهائي على إنتاج (إنسان) أفضل في المجتمع، وليس على إنتاج (لاعب) أفضل على أرضية الملعب.
منطلقة من عشق الصغار لكرة القدم، حرصت مدرسة برشلونة على العديد من القيم التي من الممكن غرسها عن طريق كرة القدم، والتي تنعكس إيجاباً على المجتمع عن طريق أفراده ومكوناته المختلفة. فالقيم التي تحرص عليها المدرسة هي: التسامح والاحترام والتضامن والصداقة واللعب النظيف، والتكامل وبذل الجهد والسعادة. وبنظرة سريعة على ما سبق، نجد أننا نحتاج إلى كل هذه القيم في حياتنا اليومية، في أعمالنا، في علاقاتنا العامة والخاصة؛ لذلك لا يوجد في مدرسة برشلونة فصول دراسية أو قاعات محاضرات؛ فكل ما يراد تعليمه يتم عبر الملعب وخلاله، ويرتبط به ارتباطاً وثيقاً بشيء يعشقونه ويهيمون به.
فخريجو هذه المدرسة من الممكن أن يكونوا أطباء أو مهندسين أو معلمين أو رجال أعمال أو لاعبي كرة قدم.. فالمهم هو القيم التي يتشاركونها، وليست المهن التي يمتهنونها. وفي الأخير، المجتمع هو الرابح من كل ذلك.
فمن يتخرج من هذه المدرسة سيكون قد اصطدم بكم هائل من المواجهات الفردية والجماعية، وتمرن على الخروج منها بشكل راقٍ ومتحضر. وخريج هذه المدرسة أيضاً يكون قد أمضى سنوات عدة بنظام غذائي صحي مفيد، ونظام رياضي سليم.
فإن لم ننشد من الرياضة مثل هذا للنشء فماذا ننشد حقيقةً؟
مثل هذه المبادرات يجب تسليط الضوء عليها بكل قوة، بعد أن ران على وجه الرياضة سوادٌ قبيح، مردّه تعصب لا مسؤول، ومسؤول متعصب، ومذيع بلا أولويات، وضيف بلا حكمة.
نعلم أن الرياضة هي مدرسة لقيم شتى، يسهل تكوينها في نفوس منتميها، وجعلها - كما تستحق - ساحة تنافس جميل ممتع مشوق، يمزج الميول بالاحترام، والتنافس بالتقدير، والعشق بالوعي.
أعيدوا لنا وجه رياضتنا؛ فقد مللنا وجوهاً لا تشابه أخلاقنا ولا قيمنا.
بقايا...
- التشكيك الحاصل في نتيجة مباراة الأهلي والفتح الماضية، التي انتهت بخماسية أهلاوية، يجب إيقافه فوراً، إما بإثباته أو معاقبة من يروج له بكل حزم. فما يُتداول الآن هو مسخرة حقيقية.
- جولات حسم آسيوية ومحلية قادرة على نسف مجهودات موسم كامل أو تتويجه.
- كل المؤشرات تقول إننا موعودون بأربعة لقاءات حسم بين الهلال والنصر في ثلاث بطولات مختلفة. من المؤكد أنها ليست لأصحاب القلوب الضعيفة.
خاتمة...
فإذا رُزقت خليقة محمودة.. فقد اصطفاك مقسّم الأرزاق
والناس هذا حظه مالٌ وذا.. علمٌ وذاكَ مكارم الأخلاق