محمد أبا الخيل
في بداية مقالي أقدم التحية والتقدير والإجلال لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز على إيثاره المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ومساهمته غير المسبوقة في ترسيخ الكيان الوطني بالاستعفاء من ولاية العهد والامتثال لرغبة خادم الحرمين في مبايعة المحمدين لولاية العهد وولاية ولاية العهد، وأمد يميني لصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مبايعاً ومعاهداً على خدمة هذا الوطن بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أيده الله في كل مكان وتحت كل سماء، وأدعو الله أن يبقي بلادنا موطناً للرخاء والأمن والتقدم والحضارة.
في هذا العصر وما يتطلبه من تنافس الأمم لتحقيق معدلات تنموية تؤمن للشعوب حياة كريمة، لم تعد ولاية الأمر ترف وسلطة للحاكم كما كانت في العصورالغابرة، فقد أصبحت ولاية الأمر وعيا في القيادة وحصافة في الإدارة ومهارة في الإنجاز ومتابعة وإحاطة بالمؤثرات الخارجية والداخلية وتحفزا لمواجهة الملمات والمعضلات، لذا تتطلب هذه الولاية تكوينا وتأهيلا وصقلا للمواهب والقدرات، وباتت الدول تتفاوت في قدرتها على التقدم والرقي بما يسر الله لها من قادة أفذاذ، فالتاريخ يسرد لنا قصصا من تلك الشواهد حيث قامت امبراطوريات وخفقت أخرى بما كان من أفعال وتصرفات حكامها، والحاضر أيضاً يبين لنا أن بلداناً نهضت من التخلف وباتت في صفوف الدول المتقدمة بفضل قادتها ودول انهارات وتمزقت مع كونها غنية بالمال والموارد بما جناه عليها قادتها من شقاق وقتال واستبداد.
ولاية الأمر أصبحت في هذا العصر حكمة وإدارة وأصبح هدفها هو تحقيق التنمية والرخاء فذلك هو الأساس في تأصيل الأمن وتمكين القوة والمنعة وحماية السيادة الوطنية، لذا يضع ولي الأمر الصالح نصب عينه ذلك الهدف كهدف مقدس ويعد لتحقيقه العدة الكافية والمناسبة من الموارد البشرية والمالية ويضع النظام والسياسات التي بها يحد من التجاوزات ويحكم الإنجازات، ومن أهم الموارد البشرية التي يوليها ولي الأمر الاهتمام أولئك الذين يحيطون به ويأخذون تعليماته ويتلقون أوامره من الوزراء والمستشارين، فيصرف الجهد والوقت في انتقائهم واختبارهم وتعهدهم ومراقبة تصرفاتهم وتدبيرهم، وهذا سائد في كل البلدان المتقدمة، ففي البلدان التي تتبع النظام الرئاسي، يعمد كل رئيس جديد إلى تنحية معظم إن لم يكن كل من عينهم الرئيس السلف، ويختار بنفسه من يثق بقدرتهم على تحقيق تطلعاته، وكذلك الأمر في الدول التي تسير على منهج النظام الملكي، فكل ملك أو من يعهد له كرئيس الوزراء يقوم بنفس العمل، وهذا الأمر لا يمثل هبة وتكريما للمعين ولا حرمانا وانتقاصا للمعفى، فالمعين مقدم على تكليف يتطلب منه الجد واحتمال العبء والجهد في الإنجاز والمعفى أكمل المهمة بما قدم للأمة وترجل من جهد وكد، فله الشكر والثناء والتقدير، منذ ولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- الأمر كملك للمملكة العربية السعودية وبايعه أهلها، وهو يرتب شؤون الدولة بقرارات هامة ومؤثرة شملت هيكلية الدولة وأنظمتها ورجالها، هذه الترتيبات هي القاعدة التي يؤسس عليها حفظه الله رؤياه للمملكة العربية السعودية الحديثة التي استهلها برسالة حازمة صارمة لكل من تسول له نفسه التفكير في النيل من وحدة هذه البلاد او ثغورها وحدودها, فرؤية الملك سلمان- أعزه الله- كما سبق الإشارة لها في مقال سابق وهي مما ذكرها في حسابه الكريم في تويتر « أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة « ثم قال- أعزه الله- « وسأعمل معكم على تحقيق ذلك «، فخادم الحرمين الشريفين سيكرس جهده ووقته الكريم بمعونة المخلصين الذين اختارهم ونحن كمواطنين من ورائهم ندعمهم ونيسر أعمالهم وبذلك نحقق الهدف الأسمى لخادم الحرمين الشريفين أعزه الله ولنا كأمة.