د.موسى بن عيسى العويس
* المحطات الفاصلة في التاريخ، المغيرة لمجراه جرت العادة أن تكون من خلال حدث معين، أو شخصية غير عادية قوية ينطلق منها المؤرخون، واليوم أكثر من محلل وكاتب، ومفكر ومثقف يكادون أن يجمعوا أن (عاصفة الحزم) غيرت وستغير وجه التاريخ العربي الحديث على المستوى المحلي، أو العربي، أو الدولي.
* انتهت (العاصفة) وبقي الحزم ماثلاً ستذكره الأجيال وستتوارثه صاغرًا عن كابر أن نحن واصلنا الخطى بخطوات أخرى، والحياة كما يقولون مواقف يقف التاريخ احترامًا لمن يستثمرها لصالح أمته، ولصالح مجتمعه، ولصالح هويته، ولصالح قوميته، ولصالح وطنه، والملك (سلمان) واحد من أولئك العظماء الأفذاذ الذين وقف وسيقف التاريخ المنصف عند سيرته السياسية، والاجتماعية، والثقافية.
* لا يختلف أي متابع للأحداث وتطوراتها على مستوى الوطن العربي في العقود الخمسة الماضية أن الجمهور العربي في أي قطر تحطمت شخصيته ولاقى من الذل والهوان والاستعباد الشيء الكثير، بسبب المواقف السياسية المتخاذلة للدول العربية التي تفكك نسيجها، وتناثر عقدها، لعوامل كثيرة، وبخاصة في ظل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي كانت القضية الفلسطينية واسترداد الشعب الفلسطيني لحقوقه المسلوبة هاجسه الأول، تلك القضية التي أمست، أوشكت أن ينساها التاريخ، وتمسح من ذاكرة هذا الجيل الجديد، بفعل تعاقب أحداث كثيرة وقوية فرضت نفسها على تفكير كل فرد يعيش في بلدان الشرق الأوسط.
* شعوب كثيرة لاقت شيئًا من التعسف، والاضطهاد، والأذى، والقتل، والتشريد، وربما تحول المواطن العربي بالذات مهمشًا من المشاركة السياسية والاجتماعية في مؤسسات بلده الذي احتضنه طفلاً وشابًا وشيخًا وكهلاً.
* الشعوب العربية، وبخاصة تلك الدول التي شاركت في التحالف الدولي، لنصرة الشعب اليمني الشقيق، واستعادة الشرعية هناك، الذي قادته باقتدار وجدارة المملكة العربية السعودية. هذه الشعوب التي كانت مكلومة يومًا من الأيام ازدادت ثقتها بحكوماتها، وتوطدت العلاقة والولاء والصلة بينهما أكثر من ذي قبل، وما زالوا يؤملون مواصلة سياسة الحزم دون هوادة، حتى تستعيد شعوب المنطقة، أو على الأقل تستشعر استعادة دورها الريادي في صناعة التاريخ المعاصر.
* نحن بالذات في المملكة العربية السعودية نشعر بشيء من الزهو والفخر والاعتزاز بالموقف التاريخي لبلدنا، بل وأصبح شعور كل مواطن أن سياسة الحزم لن تقف عند هذا الحد، وستمتد إلى كل زاوية من زوايا الحياة التي يعيشها، حيث ستنقلب حياة الفرد إلى حياة جادة ملؤها القوة والإيمان بالأهداف والغايات العظيمة.
* أكاد أجزم أن الآخرين ستتغير نظرتهم لنا بعد هذه المواقف العظيمة التي انتهجناها، فمن طبيعة البشر احترام القوي وتقديره، ومحاولة كسب وده والانضمام إلى معسكره وصوته في كل محفل وموقف، فالشعوب والدول القوية والعريقة - على مر التاريخ - لا تعترف ولا تحتفل إلا بالقوة، وبخاصة متى كانت هذه القوة مبنية في منطلقاتها على إقامة العدل والحق.إذن علينا واجب ديني، ووطني، واجتماعي أن نستثمر هذا الموقف ونستصحبه بكل أبعاده، ونحن نقوم على تربية هذا النشء، والأخذ بيده إلى مدارج الكمال، حيث يراد له من قيادته الطموحة.
(وقفة):
ولولا نيوب الأسد كانت ذليلة
تعاث وتعنو للشكيم وتركبٌ