ستضاف (عاصفة الحزم) إلى ما يدرَّس ويعتمد عليه في الكليات والأكاديميات العسكرية من مصادر، كتجربة لاستخلاص نتائجها، والتعرف على تكتيكاتها، والاستفادة منها، عند الاضطرار إلى القيام بأي معارك عسكرية قادمة، فمثل هذه المعركة بخططها، والتحضير لها، وعنصر المفاجأة فيها، ونوع الأسلحة التي تم استخدامها، وتطبيقاتها أرضاً وبحراً وجواً، هي ضمن ما يحرص العسكريون على الإلمام بها، ومحاكاتها، وأخذ الدروس والعبر منها.
***
سيكون الطيارون السعوديون خريجو كلية الملك فيصل الجوية، أبطالنا الذين تدربوا وألموا وأجادوا في قيادتهم للطائرات الحربية الأحدث تقنياً، حاضرون بقوة من خلال هذه التجربة في كثير من الدورات العسكرية، والمعاهد والكليات ذات الاختصاص العسكري، ومثلهم في ذلك رجال القوات البرية والبحرية التي أحكمت الطوق على أي ظهور مؤثر للعدو في البر والبحر، مثلما سيطر الطيارون على سماء اليمن.
***
لم تكن معركة (عاصفة الحزم) هامشية، أو معركة عادية وعابرة، فقد تفوَّقت في التكتيك المبهر الذي شاهدناه، وبه تم حسم المعركة منذ يومها الأول، وكل هذا نتيجة للتفوق المهاراتي والذهني والبدني والعسكري، والاستعدادات المبكرة والمتواصلة، والتحضيرات غير العادية لمثل هذه المعركة، يصاحب ذلك الإيمان والإخلاص والشجاعة والكفاءة القتالية لدى رجال القوات المسلحة.
***
وكان يفترض أن تكون هذه المعركة مع عدو غير عربي، مع إسرائيل تحديداً، غير أن طهران لا تريدها كذلك، وعملاؤها في اليمن أخذوا بهذا التوجه الإيراني البغيض، ولهذا لم يكن أمام المملكة ودول التحالف من خيار آخر غير خيار الحرب ضد الحوثيين وعلي صالح وأعوانه، بعد أن أخذ العدوان الحوثي مساره ضد الشعب اليمني الشقيق، واتجه سريعاً في طريقه إلى المملكة.
***
نهاية المراحل الأولى من المعركة، وبداياتها أيضاً، كشفت الأسرار، وأزالت الغموض، وحركت الضمائر الحية، ومن ثم أزالت عن الطريق الخطر المحدق، وقوضت القوة التي كان الحوثيون يباهون بها، وحيّدت الدعم الإيراني لهم، فيما عدا أصوات إعلامية لا قيمة لها تصدر نعيقها بأمر من ملالي إيران، دون أن يكون لها أي قيمة أو مردود.
***
ما الذي بقي أمام الحوثيين وعلي عبدالله صالح وأتباعه إذاً، بعد مرور أكثر من شهر على المعركة، وبعد كل هذه الخسائر التي مثلت انتصاراتهم الوهمية، غير هذه الأصوات المبحوحة التي تحرّض لتزيد من أوجاعهم، فيما لا يزالون يمارسون الرقص على جثث زملائهم من العملاء الذين باعوا ضمائرهم للشيطان، وكأنهم لم يستوعبوا بعد الدرس بل الدروس من هذه المعركة التي افتعلوا أسبابها، وها هم يعضون أصابع الندم بعد أن عاشوا نتائجها، ولكن بعد فوات الأوان.