ناصر الصِرامي
الإعلام المؤثر واللحظي لم يعد باستطاعته أن يكون تقليدياً، ولكن يجب أن يبذل الجهد لائقاً، واستثمار ذكياً لاستخدام مختلف التطبيقات القائمة على الاتصال والتواصل، وتحديداً ما نعرفه اليوم بوسائل التواصل -الإعلام- الاجتماعي.
حتى المحتوي المقدم لم يعد متشابهاً أبداً في قالبه وصيغته وطريقة عرضه وعدد أحرفه وكلماته، حيث يختلف الجمهور المستهدف بالرسالة الإعلامية التقليدية - صحف، إذاعة، تلفزيون، عن المستهدفين بالإعلام المتجدد وشبكات تواصله الاجتماعي، اختلاف يتعلق بالعادات الشخصية، والمزاج العام، أكثر من مجرد المرحلة العمرية فقط، هذا لا يعنى ازدواجية، بقدر ما هي فهم الجمهور وطبيعته ومزاجه ووقته، كما علاقته بكل هذه الوسائل والوسائط في الوقت ذاته.
وسائل الإعلام الاجتماعية، مثل الحياة الثانية، تطبيقاتها تلعب دور في إضعاف الهمينة المركزية، التي تنوع الإثراء المعرفي المعلوماتي عبر الأشخاص أنفسهم، ليس إعلامياً وحسب ولكن في التسويق الافتراضي، والعلاقات العامة، وتطوير الانطباع العام عن البلد، الوزارة، المؤسسة، والأشخاص، وهناك الجميع يتحول إلى علامة تجارية.
طبعاً -كما في كل الوسائط- قد تشكل في لحظة، لقطة، ثواني، صورة، سطراً، خطراً فيما يتعلق بالدعاية السلبية. لذا فالرسائل -أين كانت- يجب أن تكون مقنعة، أو ستتعرض لانتقاد حاد ونتائج عكسية خطرة. في العالم أجريت دراسات حول تنامي نفوذ وسائل الإعلام الاجتماعي بشكل ملفت وفعال، إلا أن البحوث فيما يتعلق بنا وبالمنطقة غير متوفرة بشكل كافٍ. وما يتوفر مجرد إحصائيات لأرقام المستخدمين ونحوها، أي أرقام فنية وحسب، رغم أهمية إيجاد دراسة فعلية لوسائل الإعلام الاجتماعية من منظور إنساني سلوكي على الصعيد المحلي.
إنشاء المحتوى وإدارته أمر بالغ الأهمية في وسائل الإعلام الاجتماعية، هو لها بمثابة الروح، لكن هذه الروح لا تأتي من التطبيق نفسه، بل منا، من المشاركين والمتفاعلين، ولعل أهم دافع وراء إنشاء المحتوى والمشاركة في مجتمعات الإنترنت، هو تعزيز الذات الذي يطبع سلوك البشر من خلال التفاعل مع بعضهم.
المجتمعات المحلية الافتراضية تعتمد على تبادل المعرفة والذي يتم على أساس المصالح المشتركة في موضوع محدد، أو اتجاه ما، أنه ما يسمى اليوم تفاعل لبناء رأس المال الاجتماعي من خلال التفاعل الجماعي بين أفراد المجتمع.
الأبحاث تشير إلى ثلاثة أنواع من السلوك في ساحة الشبكات الاجتماعية، يتقدمها أولاً، الأطروحات القيادية -قادة الرأي الجدد- وهم من يطرح موضوعا أو فكرة أو خبر، حدث، تسريب، للتعليق والتفاعل بشكل يتحول معها الموضوع إلى قضية رأي عام.. طرح لا يخلو من أنانية ونجومية وجماهيرية أيضاً.. والثاني يفضل التفاعل فقط مع الأطروحات القيادية، وربما الاستماتة في الدفاع عنها ونشرها. والثالث كل ما يقوم به هو الاشتراك بنشر المعلومات -الأخبار-. إلا أن الدوافع لكل هذه المجموعات الثلاث في وسائل الإعلام الاجتماعية تتفاوت بين أصحاب النفوذ الإلكتروني -قادة الرأي-، الذين يريدون المحافظة على هذا النفوذ عبر تبادل الكثير من المعلومات، لكن الأمر لا يخلو دائماً من بعد خاص ذاتي، والجميع يعملون على التعليق كما للمساعدة في اتخاذ القرارات أو تعزيز التفاعل الاجتماعي بحسب ميولهم واتجاههم، أو لمجرد الحصول على المعلومات بسرعة وحيوية.. ثم هناك سلوك المعاملة بالمثل: (اتبعني واتبعك، اعد تغريدتي وأعيد تغريدتك..الخ)، هذه الدوافع بين مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعية تؤدي إلى انتشار سريع للمعلومة والخبر، وحتى الإشاعة!.
ويحدث أن يتحول كل مستخدم عادى أو شخص مغمور، إلى علامة تجارية، تلاحقه علامات تجارية أخرى في اتصال شبكي لحظي، لنبقى جميعا جزءاً من التبادل الاجتماعي، ومحرضين عليه، في حالة إبداعية مشتركة وخلاقة ومتناقضة ومختلفة، وربما متصارعة وصاخبة. إلا أن ذلك كله يشكل المحتوى في النهاية، وهو الروح لكل عالمنا اليوم في شقيه الافتراضي والواقعي، لذا يجب أن يكون -المحتوى- دائماً مثيراً للاهتمام ويستحق الحديث عنه وسيشجع التواصل معه وبه عبر الشبكة.. والأهم أن يكون أخلاقياً ومسؤولاً..!.