د. محمد بن يحيى الفال
في منظر في غاية الجمال ترفرف أعلام التوحيد في كل أرجاء عاصمة العرب، رياض العز والكرامة، رياض الوفاء والإباء بمناسبة حفل أهاليها للتعبير عن امتنانهم وتقديرهم واعتزازهم بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. الاحتفال لن يكون عادياً، فهو وكما يعرف القاصي والداني لشخصية فريدة في قدرتها التنظيمية برؤية مستقبلية قل نظيرها كانت بعد عون المولى جلت قدرته من وراء تطور عاصمتنا الحبيبة من مدينة صغيرة مكونة من أحياء عدة تُعد على أصابع اليد الواحدة، إلى عاصمة عصرية بكل معاني الكلمة تمدد مساحتها لمئات الكيلومترات، حتى أن المرء لا يستطيع أن يرى نهاية أطرافها من ارتفاع برج التلفزيون التابع لوزارة الثقافة والإعلام، والذي يعد من المباني الأكثر ارتفاعاً في العاصمة. ويعرف الجميع بأن ما حصل للرياض من تطوير غير مسبوق في تاريخ تطور المدن، لم يحدث بعصا سحرية، ولا بين ليلة وضحاها، بل هو جهد خارق وعمل متراكم وخطط مدروسة كان مخططها ومتابع تنفيذها بكل تفاصيلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي تولى إمارة منطقة الرياض لما يقارب الثلاث والخمسين سنة، نقلت الرياض لروح العصر الحديث بشكل يعد بكل المقاييس الهندسية والإدارية إنجازاً غير مسبوق، إنجاز يحتاج للتوثيق للبناء عليه في تجارب بناء المدن الحديثة. ولم يصب اهتمام الملك في فترة إمارته لمنطقة الرياض على العاصمة فقط، بل شمل كذلك كل المناطق التابعة للإمارة والتي تعد من أكبر المناطق الإدارية في بلادنا، فشمل التحديث والتطوير كل محافظات الإمارة والتي نقلت في عهد توليه إمارة منطقة الرياض من قرى صغيرة غير مخططة وبخدمات متواضعة إلى محافظات تحولت فيها القرى إلى مدن مخططة تخطيطاً عصرياً وبكل الخدمات من تعليمية وصحية وخلاف ذلك من أنواع الخدمات التي يحتاجها المواطن، والشواهد على ذلك كثيرة وعلى سبيل المثال الذي لا تخطئه العين، تُرى في الدرعية، القويعية، المزاحمية، الخرج، مرات، الغاط، ثادق، الحريق، حريملاء، حوطة بني تميم، المجمعة، الزلفي، رماح، عفيف، الدوادمي، شقراء، السليل، الأفلاج، ووادي الدواسر. نُقلت كل ما ذكر من محافظات إمارة الرياض والقرى التابعة لها في فترة توليه -رعاه الله- إلى مناطق جاذبة للسكن كون التنمية شملتها بنفس وتيرة الجهد والحماس لتطوير العاصمة، فلم تكن خططه في التطوير منصبه على العاصمة فقط، بل لكل المساحة الغرافية التي تتبع الإمارة.
النتائج والحقائق على أرض الواقع تؤكد أن تجربة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال فترة توليه إمارة منطقة الرياض، هي تجربه غنية وفريدة من نوعها ونتائجها ملموسة للجميع، ونرى تأكيد هذه الرؤية المهتمة بشكل رئيس في التنمية وفي كل ما يصب في راحة ورخاء المواطن، في ما صدر عنه -رعاه الله- من أمر لتشكيل مجلس للشؤون الاقتصادية والتنمية، والذي صدر أمر ملكي بتشكيله في التاسع من ربيع الأول 1436هـ، ويرأس المجلس سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والذي يثبت في كل عمل يتولاه مقدرة ورؤى عميقة تجعله قادراً -بعون الله- في اتخاذ القرارات التي تصب أولاً وأخيراً في مصلحة المواطن. ويتكون المجلس من اثنين وعشرين عضواً من أصحاب المعالي الوزراء وغيرهم من الكفاءات الوطنية، ويهدف المجلس نحو تسريع الجهود التنموية بإستراتيجيات حديثة وقابلة للتنفيذ. ولا شك بأن المجلس سوف يضع تجربة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز خلال توليه إمارة منطقة الرياض في تنمية العاصمة ومحافظاتها نصب عينيه، للاسترشاد بها ولتطبيقها على كل مناطق مملكتنا الحبيبة، فهي تجربة تتحدث عن نفسها ونتائجها لا تخطئها العين.
حق للرياض أن تحتفل بمليك البلاد في مظهر يؤكد العرفان والوفاء لمن كان وبفضل من المولى جلت قدرته، من وراء ما تعيشه العاصمة وكل مناطق الإمارة من تطور حدث في خمسة عقود ونيف من جهد ملك يؤمن بربه وبأن الحكم مسئولية، وتكليف قبل أن يكون تشريفاً، ملك أحب الرياض وأحبته ووضع كل وقته من أجل تنميتها وجعلها عاصمة يُشار إليها بالبنان وبنهضة هي لوحدها معجزة تستحق الوقوف عندها، هو أيضاً ملك محب لكل شعبه من أقصاه إلى أقصاه، بكل مكوناته ومناطقه، وبكل قبائله ومذاهبه، مسترشداً بحكمة الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- والذي اختار علم التوحيد راية لبلاد التوحيد، الراية التي توحد ولا تفرق، الراية التي يحميها بعون من الله كل من انتسب لها وعاش وترعرع على ثراها الطاهر.