علي الصراف
لكي نضمن هزيمة المشروع الفارسي في اليمن، يجب أن نهزمه من جذوره.
الحوثيون حتى وإن كانوا أقلية صغيرة، فإنهم أقلية شرسة وسط مجموعة كبيرة من الفقراء المدقعين، في بلد، كله على بعضه، فقير ومعدم.
هل نبدو في وضع كالتالي: أغنياء يحاربون فقراء؟ بالانتقال من «عاصفة الحزم» إلى «إعادة الأمل»، تبدد هذا الانطباع سريعاً، وقدمت القيادة السعودية مؤشراً مبكراً على عبقرية الخيارات، ونضج التطلعات.
دول الخليج تبدو معنية، من خلال «إعادة الأمل»، بإيجاد السبل لبدء مشروع لمكافحة الفقر في اليمن، وإعادة بنائه. هذا هو أول الأمل.
إنه أول ضوء يراه اليمن خارج النفق الذي ظل يتخبط بظلامه لعقود طويلة من الزمن.
الحوثيون يقدمون للفقراء أملاً كاذباً بأنهم يشكلون عامل تغيير، ينقل القليل من الموارد الباقية في البلاد لتصب في طاحونة من أهملهم النظام السابق.
يجب تبديد هذا الوهم.
الحوثيون ليسوا بالأحرى سوى عصابة تتاجر بدماء الفقراء ولا تقدم لهم إلا الخراب والعزلة لحساب مشروع طائفي أثبت، في غير مكان، إنه مشروع فساد وحروب أهلية لا تنتهي.
بالانتقال من «عاصفة الحزم» إلى «إعادة الأمل»، يشعر اليمنيون بأنهم باتوا يملكون أملاً حقيقياً للتنمية، بدلاً من الوهم الكاذب الذي يقدمه الحوثيون وأسيادهم في طهران.
يجب كسب الفقراء.
ويجب أن ننجح في أن نقدم لهم شيئاً ملموساً، يشعرون من خلاله أنّ لديهم ما يخافون عليه.
إقامة مدارس ومستوصفات وتقديم ماء نظيف وخدمات أساسية، وتشغيل الفقراء في مشاريع للبنية التحتية، سوف يكون كفيلاً، بإحداث فرق هائل في حياة اليمنيين، وهو ما سيكون كفيلاً بإحداث فرق أمني واستراتيجي هائل أيضاً.
في خضم هيمنتها على العراق، أنشأت طهران واحداً من أكبر أنظمة الفساد في التاريخ.
وكان الفساد سبيلها الأهم، بعد التمزيق الطائفي، لنهب موارد البلد. وبوصفها قوة إقليمية جوعانة، لا تجد ما يكفي لكي تُطعم نفسها، فقد ظلت تتصرف بشراسة لتستبيح دماء ملايين البشر، وتهتك أعراضهم، وتدمر مقومات حياتهم، وتشن واحدة من أبشع حملات التهجير في التاريخ (شملت، بمقياس العراق وسوريا وحدهما، أكثر من 10 ملايين إنسان).
في المقابل، فقد قدم الواقع أدلة كافية على أنّ الاستثمارات الخليجية في الدول العربية تعمل في اتجاه مختلف كلياً.
إنها استثمارات عمل وبناء على أسس الشراكة والتضامن.
إنها تبني وتعمر، من دون حاجة إلى فرض نفوذ، أو تطلعات نحو الهيمنة.
وفي الكثير من جوانبها تبدو تلك الاستثمارات كعمل من أعمال الخير المجرد، والتضامن الأخوي النزيه.
وفي جانبها العملي، فإنها ترسم صورة لعلاقات عربية جديدة قائمة على تبادل المنفعة، من دون أيديولوجيات ضخمة، ولا شعارات جوفاء.
وهذا ما يمكن أن يحصل في اليمن.
يمكن تبديد المليارات في محاولة إطعام الفقراء. وستكون الفائدة منها قصيرة الأجل.
ولكن تشغيل الناس، وتقديم الرعاية والخدمات لهم أمر مختلف، وفوائده تدوم، وارتباط الناس بعوائده أدوم. شركات وقيادات خليجية يجب أن تتقدم للنهوض بهذا العمل الجبار.
إعادة بناء اليمن يمكن أن يكون نموذجاً لإعادة بناء العراق وسوريا وليبيا.
وما يتأسس في اليمن، يمكن أن يبني عالماً عربياً جديداً، لن يسمح لأي قوة إقليمية جائعة مثل إيران أن تهدمه.