د. محمد عبدالله الخازم
ضمن تصريحات صحفية كشف وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية الدكتور إبراهيم الميمن عن تلقي الجهة المختصة في الجامعة نحو 70 طلباً لاستحداث معاهد علمية في مختلف مدن ومحافظات المملكة. وحسب موقع الجامعة فإنه يوجد 66 معهداً علمياً بمختلف مناطق المملكة، لم يوضح سعادة الدكتور الميمن عدد طلابها حينما سأل عن ذلك وأجاب بأنها متفاوتة.
لا أدري من هي الجهات التي تقدمت بطلبات تأسيس معاهد علمية جديدة، بإجمالي 70 طلباً؟ ولا أخطئ سعادة وكيل الجامعة، لعلمي بوجود المتحمسين لتلك المعاهد، ليس لمبررات علمية وتنموية، ولكن لمبررات أيدلوجية. بل وأجزم أن أغلب تلك الطلبات -إن صحت نسبتها- أتت من متحمسين أو كان وراءها متحمسين لديهم قناعات بأن هذا النوع من التعليم المعتمد على الطرق والمواد التقليدية هو الأنسب وبأن التمسك بهذه المعاهد هو نوع من الوفاء للتعليم الديني التقليدي.
ليس من حقي فرض قناعاتي في نوعية ما تقدمه المعاهد العلمية من تعليم، وليس لائقاً رفض رغبات وتوجهات الآخرين في هذا الشأن. التنوع مقبول، ولكلٍ اختيار ما يناسب قناعاته، سواءً تعليماً حديثاً أو التعليم عن طريق مدراس تحفيظ القرآن أو عن طريق المعاهد العلمية أو عن طريق المعاهد التقنية أو غيرها من أنماط التعليم الحكومي والأهلي. لذلك أنا لن أدخل في تفاصيل تعليمية وأكاديمية فكرية هنا، فذلك أمر متروك للجهات التطويرية وللقائمين على سياسة ورؤية التعليم السعودي الأساسي والثانوي. وإن كنت أرى أهمية وضع مبادئ أو مناهج أساسية للتعليم العام والسماح بالإضافة عليها من الأنماط الأخرى، كأن يكون هناك حد أدنى من المناهج تطبق على الجميع وللبعض اختيار إضافة مواد بلغة أخرى أو مواد دينية أو مواد تقنية أو غير ذلك. تلك مهمة وزاة التعليم وضع أهداف ومتطلبات منهج وطني أساسي، يسري على جميع أنماط المدارس..
ما دام كذلك، فبماذا أطالب؟
أطالب بتصحيح إداري تنظيمي لوضع المعاهد العلمية وتحديداً أطالب بتحويل مرجعية المعاهد العلمية لتكون تابعة لوزارة التعليم مباشرة وليس لجامعة بذاتها، أسوة بمدارس التعليم العام ومدارس تحفيظ القرآن والمدارس الحكومية والأهلية الأخرى.
أعلم بأن جامعة الإمام ستخسر بعض المميزات المادية والوظيفية نتيجة تنفيذ هذا المطلب، وربما تعارضه لأجل ذلك، لكن في النهاية القرار يجب أن يكون قرار وزارة التعليم. القرار إداري وتنظيمي بحت، وليس بمستحيل وليس يعيب الجامعة. لقد صدرت قرارات عليا سابقة بدمج وزارة التربية مع رئاسة تعليم البنات ودمج وزارتي التربية والتعليم العالي في وزارة التعليم وفصل فروع جامعات لتتحول إلى جامعات مستقلة وغير ذلك من القرارات الإدارية التصحيحية أو التطويرية الكبرى. ليس هناك ما يمنع، وليس هناك مقدس في موضوع نقل مرجعية المعاهد العلمية. بل إن ذلك سيخدم جامعة الإمام لتركز في مهامها الأكاديمية في مجال التعليم العالي كجامعة حديثة متطورة وسيخدم المعاهد العلمية لتستفيد من حراك التطوير الكبير الذي تمر به المرحلة التعليمية بصفة عامة في المملكة. نموذج المعاهد العلمية التابعة لجامعة دينية تم استيراده من دولة كان لديها فصل واضح بين التعليم الديني والتعليم العلماني البحث، بينما المملكة العربية السعودية تعتبر بلداً إسلامياً وجميع أنماط تعليمنا تسير وفق مبادئ إسلامية ولا يوجد لدينا الفصل الواضح بين التعليم الديني والتعليم العلماني، وبالتالي فليس هناك مبرر لإشراف الجامعة على التعليم الأساسي...
أطالب بتجاوز الحساسية غير المبررة تجاه موضوع المعاهد العلمية ونقل مرجعيتها لوزارة التعليم، لأجل مصلحتها ومصلحة جامعة الإمام والمصلحة العامة في موضوع تطوير تعليمنا العام بكافة فروعه وأنواعه.