يوسف المحيميد
رغم أن استخدام الجوال أصبح خطراً على السلامة أثناء القيادة، ورغم أن معظمنا لا يتذكر الآخرين، وأهمية الاتصال بهم إلا حينما يقود سيارته، بل وأكثر يستمتع بمتابعة (قروبات الواتس أب) والتفاعل معها، إلا حينما يكون خلف عجلة القيادة، إلا أنه لم يتم اعتماد معاقبة مستخدمي الجوال أثناء القيادة إلا مؤخراً.
نعم، لقد أدرجت عقوبة استخدام الجوال ضمن مخالفات نظام المرور بمسمى (استخدام الهاتف المحمول باليد أثناء القيادة)، وفي حال تكرار ارتكاب المخالفة يُحال المخالف للهيئة المرورية للنظر في إيقاع غرامة مالية تزيد على الحد الأدن? أو إيقاع عقوبة السجن أو بهما معا، وفي حال تكرار ارتكاب هذه المخالفة تتم إحالة المخالف إلى هيئة الفصل في المخالفات والمنازعات المرورية بإدارات المرور ليتم إيقافه، لقد تم الاقتناع أخيراً بأنها من المخالفات الموجبة للتوقيف!
ليس من المعقول أن يتأرجح السائق بسرعة تزيد عن مائة كم في الساعة، وسيارته تميل بين المسارات بشكل فوضوي، فقط لأنه يستخدم الجوال في اتصال أو في إرسال الرسائل، مما يشكل خطرا على السلامة العامة، دون أن توقع عليه أشد العقوبات، ومع أهمية إقرار هذا التصرف كمخالفة تستوجب العقوبة، إلا أن المهم هو في تطبيق هذه العقوبة فعلا، وجعلها أمرا واقعا، كما هو شأن تطبيق ساهر والرقابة على السرعات المحددة!
فكلما تذكرت تلك الدراسة التي قارنت بين الخسائر البشرية للحوادث المرورية بما أنتجته الحروب عالمياً خلال العشرين عاماً الماضية، حيث بلغ عدد قتلى الحروب في عدة دول كالأرجنتين وحرب الصحراء الغربية، وحرب الهند وباكستان، وحرب الخليج، وحرب النيبال الأهلية، وغيرها 82 ألف قتيل، فيما بلغ عدد وفيات حوادث السير في المملكة أقل من 86 ألف قتيل، وأكثر من ستمائة ألف إصابة، في أكثر من أربعة ملايين حادث سير!
ليس من المعقول أنه ما زال هناك من يعترض، سواء في الصحافة أو في مواقع التواصل الاجتماعي، على الإجراءات المشددة حول شروط القيادة، والالتزام بالسلامة المرورية، ويعتبر تلك الغرامات من قبيل الجباية، رغم ما يحدث في بلادنا من جرائم مرورية تخلف قتلى ومشلولين، فما زالت الأرقام تشير إلى أن القتلى يفوق عددهم ثمانية آلاف سنوياً، ولعل الأمر الأكثر إيلاماً أن هناك معدل نمو في قتلى الحوادث المرورية، حيث تتوقع دراسة استقصائية نفذتها أرامكو السعودية سابقاً، إلى أن يصل عدد حالات الوفاة الناتجة عن الحوادث المرورية في المملكة عام 2019 إلى 9604 حالات، وذلك استناداً إلى معدل النمو السنوي!
من هنا، من الطبيعي ألا يكون هدف إدارة المرور العام المعنية بالسلامة العامة، تقليل حالات الوفاة نتيجة الحوادث، وإنما إيقاف النمو السنوي لهذه الحالات، كمرحلة أولى، ثم البدء بتقليص المعدل السنوي، وذلك لن يتحقق إلا بمزيد من العقوبات، وتطبيقها، لأنها من غير تطبيق دقيق دون تمييز بين مخالف وآخر، لا يحقق الهدف المنشود.