د. خيرية السقاف
الإصابة بالصداع يُهرَع بها إلى البرادة لاستلهام كبسولة من الدواء، وكوباً من شراب دافئ...!
والإصابة بالثرثرة تُخرج الصمت عن مكمنه، فيحتاج المصاب إلى كبسولة من الرجاء يقدمها بطريقته كلُّ متضرِّر..!
والإصابة بكسر، أو وخز، أو مرض، يتعامل معها المرء بكل ما يمكن أن يُذهب أثرها، ويعين على اجتيازها، وغالباً أنواعٌ مختلفة الحجم، واللون، والاسم, والتركيب من كبسولات بلسمية ناجعة..!!
لكن الإصابة في الأخلاق لن يظهر أثرها سريعاً، ولن تكشف عنها أعراضُها إلا بعد أن تتغلغل في المرء، وبعد أن يصبح البرءُ منها معضلةً، تماماً كما هو عضال الإصابة بها,..
فشفاء الأخلاق لا يحتاج إلى كبسولة، ولا لمئات منها، أو أضعافها، بل يحتاج لزمن وأكثر، ولبدايات تجتث الإصابة شيئاً فشيئاً، ما يكلف أكثر من خسارة الأجسام حين تُبتلى..،
لأنّ مكمن الأخلاق عميق لا تطاله نار كاوية ..، ولا تبلغه كبسولة فاعلة، ولا مشرط قصيرة أذرعه مهما طال..!!
المعضلة كيف تعالج الإصابة حين تكون في الخشية من التفريط في حق الله تعالى..,؟
في القلب لا تملأ أركانه الخشية منه..،
في اللسان لا يكبح كلمة تتجاوز حدوده..,
في فراغ الذهن من العلم به، والخبرة..؟
فأي كبسولات يمكنها برء الإصابة هذه، وبتر الأثر منها..؟
أليس على المصانع كلّ المصانع المعنية بالعلاج أن تحرك هديرها..,
وتقنّن منهجها..، وتستدرك خللها..، وتعمل بلا غمضة عين..، من أجل استجابة نداء الروح، والقلب، والحس، والعقل، والجوارح التي تصاب حين الابتلاء بهذا بكل الآلام، وبكل أنواع الصداع، وبكل نبض الوخز، ووهن النبض.. لعلاجها..؟
إنّ مصانع الدواء تضخ كبسولات كل نوع من الأمراض ما تتكدس به أرففها.., ومستودعات الأدوية..
غير أنه يبقى هذا النوع من الأمراض أشدها فتكاً بالمرء ما لم تستعد مصانعُ التنشئة، والتربية، قدرتَها على ضخ الدواء..!!
ومالم يصد المرء مسارب الأدواء عن مجرى فكره، ومكمن يقينه..!!