د.ثريا العريض
أتناول اليوم معكم موضوعا مرتبطا أراه في غاية الأهمية وفي صميم ما يدور في المجتمع حول مجلس الشورى من تأكيد أو تشكيك في أهمية وجوده وقيمة ما يجري تحت قبته.
كل واحد منا عضو في لجنة من لجان المجلس ومسؤول عن قراءة التقارير المحالة وإبداء الرأي. القصد من إحالة التقرير إلى مجلس الشورى هو قراءته وإبداء الرأي حول مكوناته: لا تتوقف عند تدقيقه معلوماتيا أو تصحيحه لغويا أو الحكم على مدى استحقاق توصياته للموافقة أو الرفض. فهناك غرض أعلى وأقرب إلى دور الشورى كجهة تقدم المشورة. سواء كجهة مستشارة أو كجهة تأخذ زمام المبادرة؟
تذكرت هذا يوم الأربعاء الماضي وأنا أصغي باهتمام إلى الكلمة التي قدمها معالي الرئيس في وزارة الخارجية استجابة لدعوة كريمة منهم حضرها بعض أعضاء لجنة الشؤون الخارجية وأنا ضمنهم. وأشار معالي الرئيس في كلمته القيّمة إلى عدد من النقاط المهمة التي يجب أن تأخذ بصورة حزمة إضاءات مترابطة ومتزامنة.
أولاً أن الشورى مرتبط بدراسة ما يحال إليه من تقارير من الديوان. وثانياً أن الشورى واصل توضيح مفهوم دوره في العمل معا بصورة تكامل مع المجالس الأخرى كمجلس الوزراء. وثالثاً أن المجلس استمر في بلورة دوره والتوسع في مهامه منذ تكون من الصفة الاستشارية إلى التشريعية عبر المادة 23 المتاحة للأعضاء لتقديم أنظمة جديدة أو تعديل الأنظمة القديمة التي تحتاج إعادة نظر, والمادة 17 التي تتيح للمواطنين تقديم طلبات أو مقترحات تخص الشأن العام.
جاءت كلمة ضافية أضافت لمعرفة السامعين الكثير من حيث تفهم نظام الشورى والتزاماته وحدود صلاحياته وعلاقته بالمجالس الأخرى في الدولة. وفعلاً هناك أنظمة ربما كانت وافية حين وضعت, ولكنها في تواتر مستجدات الأوضاع التنموية بحاجة لإعادة النظر في بعض موادها أو إضافة تفاصيل جديدة تسعى لردم فجوات اتضحت الآن في موادها. من هنا تأتي أهمية ما يقوم به الشورى من تقديم مقترحات لأنظمة جديدة أو تعديلات على مواد الأنظمة الموجودة.
وفعلاً.. التطور والتوسع في ما يحمله ويقوم به مجلس الشورى من مسؤوليات مطلب ضروري, ومستمر باستمرار التطور والتنامي في ما تقدمه مؤسسات الدولة من خدمات, وما يمر به المجتمع من مستجدات, وما ترغب القيادة أن تراه من مواكبة وتناسق وتنسيق بين الجانبين.
لدينا 14 لجنة متخصصة تحال إليها التقارير للدراسة ثم يعرض رأي اللجنة للنقاش العام وتقديم توصيات، وقد يطلب من الأعضاء مقدمي التوصيات سحبها أو تأجيلها وشكرهم على ذلك. بمبررات أن ما تطلبه التوصية متحقق أو أنها تقدم على تقرير جهة غير معنية أو أن المسوغات غير كافية. وقد يكون هذا صحيحاً في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى تكون التوصية جديرة بالاهتمام ومنحها فرصة المناقشة.
أجزم أنه لا يقدم عضو توصية ما ما لم يكن مقتنعا بأن فحواها غير متحقق على أرض الواقع؛ حتى لو تحقق طلبها من قبل في سجلات وثائق المجلس. ثم كثير من التوصيات ترتبط بأكثر من جهة رسمية لأن مسؤولية التنفيذ تمس كل هذه الجهات.
في رأيي, ربما جاءت سرعة إعادة هيكلة الوزارات, وإلغاء كثير من المجالس, وتكثيف دور مناقشة الوزراء في مجلسين: مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس شؤون الاقتصاد والتنمية من منطلق الرؤية المركزة على الترابط في أهداف القرارات الرسمية, والمتجذرة في تسبيق أهمية تحقيق الأهداف على أهمية اعتماد الإجراءات, أو الاكتفاء بشرف محاولة التنفيذ.
وبالتأكيد على مجلس الشورى التناغم مع هذه الرؤية لمزيد من التميز في الأداء الكلي. أملي لهذا الوطن بفرح تأكيد الوصول إلى الأهداف وتحقيق الطموحات وعلى رأسها رضا المواطن بأداء مؤسسات الوطن.