د. خيرية السقاف
يقتنصون المعنى في الدلالة حيث يكون الرمز..
أولئك الشفيفون، المنحازون لضوء الكلمة شعراء، وناثرون..،
كلهم يبدع بطريقته , لكنهم في النهاية هم رسل المعنى، حاملو أمانة البوح..،
الذين تُعوَّلُ عليهم تفاصيل الحياة..،!
شرحها، بوحها، بعيدها، قريبها، ظاهرها، خبيئها..
ذلك الشاعر «المتنبي» منهم..،
تفرس في ضحكة الأسد، تملَّى , وتخيل، وجسَّد، وأرسل..
خرج منها بإضافة معنى يربط بين افتراس الأسد طبيعةً وغريزة..، وانفراج شفتيه عن أنيابه لحظة الانقضاض,
وكأنه المتبسم، وهو يتقيَّظُ..!
ذهب بعيداً عن الصورة مستلهماً معنى مكثفاً لصورة مغايرة..
تتوازى فيها البسمة الراضية، بالتقطيبة الغاضبة..!
فالراضي يتبسم ..
تنفرج شفتاه، تبدو أنيابه.. تنم عن الارتياح ..،!
والساخط يشبهه...
تنفرج شفتاه، تبدو أنيابه.. تنم عن الغضب..،!
وعلى الناظر في كلا الحالتين التمييز..، وفي الموقف يكون الموقف..
رسول المعنى، المنحاز لضوء الكلمة أبان عن مفارقة الصورة الشبيهة عن تفصيل مكثف في مضار الحياة..
اليوم يكشر الغاضب عن أنيابه فتخاتل المجترئين،..
يحسبونه يتبسّم..!
والمجترئون يتطوّفون في دروب البشر قوافلَ، وجزافاً..،
يثيرون حفائظ الحليم، والكريم , والصبور، والنبيل , والصادق، والعفيف..
يحضر المتنبي حين يزأر أحدهم..
فتتبدّى الأنياب..
من يؤول الصورة حينئذ إلا متحيز لشفيف المعنى في أعمق دلالات الصورة...؟
حين الساخط الغاضب ليس هو الراضي الفرح..
والمجترئ فريسته في المضمار..!
.....................
الصور ذاتها تترى..
المضمار الممتد يكتظ...
لكن المنحازين للضوء استظلوا..،
تركوا الجناح، واللون، والرمز، والمجداف،..!
تركوا المضمار..
وما انفضت التفاصيل..!