عروبة المنيف
سلب الورد لب الشعراء فنظموا له أحلى القصائد بوصف سحره وجماله بأبهى وأجمل الأوصاف، وصدح المطربون يتغنون بروعته وسحره، ومن أجمل من غنى عن الورد المطربة أسمهان في أغنيتها «يا بدع الورد» في وصفها للورد وألوانه.
للورد خاصية مميزة في قدرته على تحسين المزاج وتخفيف الحزن وتهدئة الغضب وفي جلب الاسترخاء، كذلك في تعزيز أحاسيس السعادة وتقوية قدرات التواصل مع الآخرين وفي التخفيف من حدة الشعور بالألم.
لم يشدني للكتابة عن الورد شذاه ورائحته العطرة ولا جمال منظره وتأثيراته الإيجابية على النفس فقط، بل شدني مقطع للفيديو مأخوذ من أحد أفلام الفنانة هند صبري والفنان الراحل خالد صالح، الذي تم تداوله -مؤخراً- من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
في المقطع الشهير المتداول، يلوم خالد صالح «الزوج إبراهيم»، هند صبري «الزوجه يسرية» على عدم اهتمامها به وبأولادها وببيتها، وبأنها مقصرة وأصبحت لا مبالية، مخاطباً إياها بأسلوب استفزازي قائلاً «عايزه إيه يا يسرية» لتسرع بالرد وتفاجئه وتقول «عايزة ورد يا إبراهيم»!
ينشغل الأزواج غالباً بأعمالهم ومتطلباتها، متناسين أن في البيت وردة ترعى بيته وأبناءه تنفث عطرها في أرجاء المنزل ليبقى فواحاً بالمحبة والألفة والجمال، هذه الوردة تحتاج للسقيا من وقت لآخر لتنتعش وليزداد عبيرها وشذاها، إنها تحتاج الحب والعطف واللمسة الحانية والكلمة الطيبة، تحتاج للود والاهتمام، هي تحتاج للورد ليلهمها ويشعرها بأهميتها.
إذا كان الورد هو الذي سيجلب لوردة البيت السعادة وسيحسن مزاجها وسيشعرها بالحب وقوة الارتباط، فما الذي يمنع من مفاجأتها بين الوقت والآخر بباقة من الورد لن تهز ميزانية الأسرة كما قالت يسرية لإبراهيم «حتقولي إن كيلو الكباب أحسن من الورد»!
الحياة ليست إشباعا للحواس المادية فقط، هناك إشباع لحواس معنوية يفترض أن نتغلغل فيها، هي التي تطلب الورد والحب والاهتمام، هي التي تحسن علاقاتنا وحياتنا، فتقديمك الورد لي يعني إشعاري بأهميتي لديك وبحبك وتقديرك، وللأسف لطالما ارتبط الورد لغالبيتنا بالألم فنحن نجلبه في الغالب لعيادة المرضى!
يجول بخاطري أخلاقيات وأساليب بعض الأزواج، فهناك فئة لا يرضيها أي مبادرة تقوم بها الزوجة فتجدهم دائمي التذمر لا يعرفون معنى الامتنان، فلا يعجبهم «العجب العجاب» حتى لو أضاءت الزوجة لهم أصابعها العشرة سيلومها عن كل عثرة أو مصيبة تقع في العائلة، دائماً يحمّلها ما لا تطيق، لا تسمع منه كلمة مدح وكأن زوجته هي جاريته المجبرة على خدمته وتحمُّل إسقاطاته النفسية!
في المقابل هناك فئة أخرى من الأزواج «لا بتهش ولا بتنش» لا يعترض، لا يتذمر ولا يمدح، إنه الزوج الصامت وكأن الزوجة مجبرة على خدمته وأن ما تقوم به هو من صميم واجباتها فلا شكر ولا مديح ولا ورد.تختلف ردود الأفعال من زوجة لأخرى، ففي أحيان كثيرة يكون رد الفعل سلبيا وتقتنع الزوجة بأنها مقصرة وأنها سبب لجميع أزمات البيت ومشاكله، مما يقلل ذلك من حجم ثقتها بنفسها وبقدراتها، وبالتالي ينعكس ذلك على مستوى استحقاقها وتقديرها لذاتها فتصبح معتمدة بشكل كلي على الزوج في اتخاذ أي قرار سواء يخصها أو يخص البيت والأولاد، فلا تستطيع عمل أي شيء إلا بمشورته، هذا الشعور بحد ذاته يقتل لديها حس الإبداع وبالتالي يحد من مستوى تفكيرها ومن قيمتها لدى نفسها ومن شخصيتها فلا تفكر أصلاً في استحقاقها «للورد».
وهناك أيضاً ردود الأفعال الإيجابية من قبل الزوجات، فالخضوع لاتهامات الزوج في الحط من قدراتهن أو تجاهلهن ليست القاعدة لنجد الكثيرات ممن لا يرضخن لتلك المعاملة يقاومن ولا يتنازلن عن استحقاقاتهن وتقديرهن لذواتهن ولا تهتز ثقتهن بأنفسهن لتجد لديهن حس المقاومة، فيطالبن بحقوقهن في كلمات المديح والثناء والتقدير يبحثن عن الحب والعطف والكلمة الحلوة والابتسامة المعبرة، هم يردن الحب وكلمات الغزل والود، إنهن يردن الورد! فهمت يا إبراهيم؟!