عماد المديفر
«داعش صناعة أمريكية»..! والولايات المتحدة تخدم المصالح الإيرانية عن وعي واختيار..! هذا الهراء هو ما تريد إيران وحلفاؤها أن تصدقه الشعوب العربية. إنها عملية مدروسة، ضمن سلسلة، لغرس بذور خلاف، وفتنة، وإشاعة جو من التشكيك وعدم الثقة،
وصولاً إلى تحييد الحلفاء عن العرب، وتحييد العرب عن حلفائهم!
بل هي في ذات الوقت تروج وحلفاؤها، إلى مراكز صنع القرار الأمريكي، وبطريقة مخططة، بأنّ «داعش» صنيعة الفكر «العربي السنِّي»، وأنّ مصالح الولايات المتحدة والغرب، معها، لا مع الدول العربية..
ولست أبرئ قوة عظمى من تورطها في هذه اللعبة، تعتقد بأنّ هيبتها كُسرت، وهي تظن بفعلها هذا أنها تُحسن صنعاً..!
أتحدث هنا عن حقائق مثبتة بالدليل، فَلَم توجد «داعش» من العدم، وليست لغزاً محيراً كما يظن البعض..! وليس صحيحاً ما تردد من إشاعات بأنّ «هيلاري كلنتون» تحدثت في كتابها الأخير «خيارات صعبة» عن دور مزعوم لأمريكا في تأسيس «داعش»..! إنه محض كذب ضمن بروبغاندا خبيثة تسعى لتضليل وعي الرأي العام العربي.
تؤكد الحقائق بأنّ «داعش» لم تكن سوى «القاعدة في بلاد الرافدين»، دعمت تأسيسها المخابرات السورية، بتنسيق مع الإيرانيين، تحت غطاء شعارات «الممانعة والمقاومة» البراقة: «دعم المقاومة العراقية، نصرة الشعب العراقي، ومقاومة المحتل الأمريكي « على يد عملائها: الهالك «أحمد فاضل نزال الخلايلة» والمشهور بـ»أبو مصعب الزرقاوي» المتورط في محاولات تهريب سيارات جرى تفخيخها في سورية بقصد تفجيرها في عَمّان، والمُدان في التفجيرات الشهيرة التي ضربت عدداً من فنادق العاصمة الأردنية، مروراً بـ «محمود غول أتاسي» أو» أبو القعقاع»، وليس انتهاءً بالإخواني «إبراهيم بن عواد البدري» الملقّب بـ «أبوبكر البغدادي» الذي أقام في دمشق في «السيدة زينب» في الفترة ما بين (2003-2006) برعاية المخابرات السورية، وهو ذات الحي الذي كان يقيم به «نوري المالكي» وعدد من نشطاء «حزب الدعوة»، أحد أذرع النسخة الشيعية لتنظيم الإخوان المسلمين، هذا التنظيم الذي شكلت أيديولوجيته الأساس الفكري الذي قامت عليه «داعش» و «القاعدة» ونظام ولاية الفقيه في طهران، وهو ما يفسر التعاون القائم بين قيادات الإخوان «المنتسبون للسنّة»، والولي الفقيه، وإن كان عوامهما يجهلون هذا التعاون، والتنسيق، بل ويظنون بأنهما أعداء!.
جميعنا يذكر - مثلاً - أنّ معظم عائلات قادة «القاعدة» في أفغانستان فروا لإيران حين بدأت الحرب الأمريكية عليهم في 2001، بما فيهم أبناء وبنات (ابن لادن)، وصهره المتحدث الإعلامي للتنظيم (سليمان أبو غيث)، فلم يفروا إلى باكستان حيث القبائل البشتونية القريبة من طالبان، بل وجدوا في إيران الملاذ الآمن، مما يعطي دلالة واضحة على علاقة القاعدة بإيران وتحالفها الاستراتيجي معها.
وفي مايو 2003 رصدت أجهزتنا الأمنية السعودية إشارة صادرة من الداخل الإيراني، حملت تعليمات البدء بتنفيذ سلسلة تفجيرات إرهابية وقعت في الرياض ذلك الحين، وتبنّتها القاعدة، وقد كان مصدر إشارة (ساعة الصفر) هذه: الإخواني «سيف العدل» القيادي المصري البارز في «القاعدة» والمقيم في إيران.
أما «داعش»، فيقول السوري كمال اللبواني: «(أبو القعقاع) ومن معه، كانوا يسهلون نقل السلاح، وقسم منه من مخازن حزب الله في لبنان عبر الأراضي السورية وبحافلات نقل عامة وعلى الطرق العامة نحو العراق، وبتنسيق كامل مع أجهزة الأمن السورية وبعلمها، ويضيف: عندما عدت من زيارتي للولايات المتحدة واعتقلت في المطار يوم 7 -11 - 2005، كانت أول كلمات علي مخلوف - رئيس فرع تحقيق الفيحاء - لي هي: هل تعلم أن كل ما يريده منا أصدقاؤك الأمريكان، هو أن نتوقف عن إرسال المجاهدين إلى العراق، ونحن لن نفعل. وعليه فإنّ العميد مخلوف الذي كان على تواصل مباشر مع بشار أثناء التحقيق معي، هو من أقر بعظمة لسانه بدعم وإرسال الدواعش للعراق، وعندما فجّرت هذه الدواعش مباني الحكومة العراقية، أربع وزارات أساسية بيوم واحد، وانكشفت أصابع من يقف خلف ذلك، صرح العراق أن نظام الأسد يريد تدمير الدولة العراقية، وطالبوا بتدخل مجلس الأمن وتقدموا بشكوى رسمية يتهمون فيها سورية وبشار بالذات بتدمير العراق عبر دعمه للإرهابيين الذين يقودهم رجال من مخابراته».
أهذا كل شيء؟!!
ليس بعد، لكن المضحك في الأمر أن تعتمد أمريكا على حلفاء إيران في العراق لتسلحهم بطائرات F16 بداعي محاربة «داعش»! فهل ستقع هذه الطائرات بيد «داعش»؟! أكمل الأسبوع المقبل، فإلى اللقاء.