د.موسى بن عيسى العويس
تنظيم الاستثمار جزء لا يتجزأ من الأمن بمفهومه الواسع، ومن حقنا في ظل الأوضاع الراهنة أن نخاف على ظننا ومقدراته، ومجتمعنا ومكتسباته.
اليوم أكثر من أي وقت مضى أصبح من الواجب علينا تلمس مكامن الأخطار التي تحدق بنا، والبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى تجفيف منابع التنظيمات ووأد الفتن في مهدها.
* اليوم ناقوس الخطر يدق في كل بيت وأسرة، شعر البعض بذلك أم لم يشعر. ربما أننا اليوم نستطيع أن نسيطر قبل استفحال المشكلات، أما فيما بعد فيصبح العلاج في غاية الصعوبة، والفوضى مألوفة، والجرائم واستباحة الأنفس والممتلكات لا تستنكر، ودائماً المصلحة العامة للوطن فوق كل اعتبار، والمواطنة الصادقة هي التي تنبعث في النفوس بشكل تلقائي عندما تحيط بالوطن الأخطار، ويهدد أمنه ونسيجه الاجتماعي.
* بصفة عامة الخليج العربي من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه برمته نسيجه الاجتماعي واحد، وتربطه أواصر عديدة، في الدين، والسياسة، والتاريخ، والاقتصاد، وجغرافية المكان، وأي تجاهل لواحدة من هذه الأواصر أمام الأحداث غير صحيح، ولا يقبله عقل أو منطق.
* أعود، في أغلب العمليات الأمنية، أو البيانات الصحفية للمتحدث الرسمي لوزارة الداخلية، يأتي في سياق الحديث بصورة مباشرة أو غير مباشرة ما يشير إلى أن بعض الخلايا الإرهابية اتخذت من الاستراحات، أو المخيمات البرية، أو المزارع المهجورة وكراً لتخطيط المنظمين لبعض العمليات الإرهابية، أو عمليات الاستقطاب الدعوي لأي جماعة أحزب، وربما استطاعوا في ظل غياب الرقابة الإدارية تخزين بعض أدوات ووسائط العمليات الإرهابية التي نفذوها، أو يجري الاستعداد للتحضير لتنفيذها. هذا ما يتم إعلانه للرأي العام، وربما أنّ الكثير من بعض التفاصيل تحتوي عليها ملفات التحقيقات الأمنية.
* اليوم القطاعات الخدمية وضعت تنظيمات ولوائح لمن لديه الرغبة في المجالات الترفيهية، كالمنتزهات البرية والبحرية، والمقاهي، وكلها يتوافر فيها على الأقل الحد الأدنى من المتابعة والرقابة وجودة الأداء، وأدت دورها في خدمة المجتمع في مجالات كثيرة، وكل هذه المجالات لها دور كبير في تشجيع الاستثمار المحلي النامي والآمن. هذه المشاريع يحاكيها مشاريع أخرى تفتقر للتنظيم وتدار بشكل عشوائي في تأسيسها، وبواسطة عمالة أجنبية، الكثير منها مخالف لأنظمة الإقامة في هذه البلاد، وبخاصة الموجود منها في المحافظات والقرى التي تتساهل الجهات الرقابية ذات الصلة بالإشراف عليها، والقضاء على المخالف منها، ومحاسبة المتسبب، أو المستثمر في هذا المجال.
* حينما نتحدث عن أهمية تنظيم مثل تلك الاستراحات، والإشراف عليها، فإن ذلك يأتي من عدة منطلقات أساسية :
* المنطلق الأول : اجتماعي، أو أُسري بحت، فظاهرة استئجار الاستراحات خلقت للأسف نوعاً من الإهمال في متابعة شؤون الأسرة، واتكالية واضحة على المرأة، والسائق والخادم في إدارة شؤون المنزل، وعلى إثر ذلك أدى إلى التفكك الأسري، واضطربت حتى التقاليد الاجتماعية المحمودة لرب الأسرة التي كانت إحدى وسائل التربية العملية.
المنطلق الثاني : اقتصادي، فالاستثمار العشوائي يضر بمصلحة المواطن المستثمر في هذه المجالات بشكل نظامي، ويدار باحترافية كبيرة، وبإشراف مستمر من جميع الجهات.
* المنطلق الرابع: وهو الأهم كونها أصبحت ملاذاً آمنا لبعض التنظيمات الإرهابية التي أصبحت تشكل خطراً على المجتمع والوطن.
* اليوم لا يكفي أن نتحرك عند وقوع المشكلة ونتخذ بعض الإجراءات مهما كانت قوّتها، من الضروري جداً أن تلتفت اللجان الأمنية المسؤولة عن متابعة العشوائيات بشكل عام في المناطق والمحافظات، وتؤدي دورها المناط فيها بشكل كامل من خلال المسح الاستقصائي لمثل تلك الظواهر، بل لابد أن يكون هناك محاسبة للجان المتهاونة في تنفيذ الأنظمة والتعليمات، وتحميلها تبعات أي مخالفات، أو عمليات تتم في نطاقها الإشرافي.