محمد سليمان العنقري
تركز خطط التنمية بالمملكة على أن تكون نتائجها مستدامة، وإذا كان العنصر البشري محوراً أساسياً بكل الخطط مؤخراً من تعليم وصحة وتدريب والتحول نحو اعتباره بعد أن تتحقق له عوامل النجاح الركيزة بالنشاط الاقتصادي والتنمية فإن توجهات الاستثمار عموماً نحو القطاعات التي تتماشى مع خطط التنمية تعد الأساس لنجاحها ولا ينفصل توجيه التركيز على جذب استثمارات أجنبية
على القطاعات الفاعلة بالتنمية عن الخط العام للاقتصاد الوطني واتجاهاته وأهدافه التنموية.
يلاحظ مؤخراً التغييرات التي تقوم بها الهيئة العامة للاستثمار سواء بإعادة تنظيم لوائح الاستثمار حتى تصبح أكثر فاعلية بجذب الاستثمارات المفيدة حتى تكون متماشية مع الخطط التنموية وكذلك التركيز على القطاعات الرئيسية التي ورد ذكرها كأساس للتنمية بالخطة التنموية العاشرة، حيث تبرز قطاعات التعدين والذي يعتبر الركيزة الثالثة بالاقتصاد وكذلك قطاعات الطاقة والسياحة والصحة والزراعة والإسكان والاتصالات والصناعة عموماً والنقل والتي تعد بمجملها أكثر القطاعات فرصاً للاستثمار بالمملكة.
ومن المعروف أن للدول حقها السيادي باختيار ما يناسبها من استثمار أجنبي، حيث تؤكّد اتفاقيات منظمة التجارة العالمية على هذا الحق، وبما أن المملكة تتجه لرفع حجم الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد فإن التركيز على ضخ الاستثمارات بالقطاعات الحيوية التي تستنزف أموالاً ضخمة تذهب للخارج لاستيراد السلع والخدمات وحتى في مجال السياحة نعد من أكبر مصدري السياح للخارج عربياً، بل عالمياً مما يمثّل تحدياً كبيراً أمام الاقتصاد وتشغيل موارده وطاقاته البشرية التي ينفق على تعليمها وتدريبها قرابة 25 بالمئة من الميزانية سنوياً منذ قرابة عقد كامل، وقد ورد بأهداف خطة التتنمية العاشرة التركيز على الصناعات التعدينية وغيرها وكذلك دعم ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة وكذلك دعم التوجه نحو اقتصاد المعرفة إلا أن التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية على تحقيق هذه الأهداف يتطلب تركيزاً كبيراً على تفعيل دور الشباب بتأسيس مشاريعهم الصغيرة وهذا يعني بالضرورة عدم منح تراخيص استثمار أجنبي لمن سينافسهم على نشاطاتهم من الخارج وبأن تكون الاتجاهات لجذب الاستثمار الأجنبي وتوطين التقنية نحو المنشآت الأجنبية المميزة بما ستضيفه للاقتصاد من تقنية وخبرات وأن تكون في قطاعات رئيسية بالتنمية مما سيحد من المنافسة مع المستثمر المحلي الشاب، بل قد يكون داعماً له إذا افتتح نشاطه بخدمات مساندة للشركات المحلية الكبرى والأجنبية كذلك.
التركيز على القطاعات الأساسية بالاقتصاد وتسهيل كل الإجراءات أما الشركات الأجنبية العالمية منها والمميزة بتقنياتها أيضاً سيتيح فرصة كبيرة للتسريع بتنوّع الاقتصاد وضخ رؤوس أموال محلية وأجنبية فيه وتشغيل للقوى العاملة الوطنية بنسب أعلى وتأثير أفضل بالإنتاجية في الاقتصاد واكتساب المهارات والخبرات المطلوبة وهذا كله لن يتحقق بسهولة إذا لم تنظم الأدوار بين مختلف الجهات المعنية بالملف التنموي ومن بينها الهيئة العامة للاستثمار التي يبدو واضحاً أنها تمر بمرحلة مختلفة عن السابق خصوصاً عن بداياتها التي أدخلت استثمارات منافسة للمواطن باستثماراته بالمشاريع الصغيرة ولم تحقق أي قيمة مضافة للاقتصاد وباتت عبئاً أكثر من فائدتها مما تطلب التحول الجذري الذي نراه حالياً باتجاهات نوعية وقيمة الاستثمارات الأجنبية التي نبحث عنها وفقاً لاحتياجات اقتصادنا الوطني.