عبدالحفيظ الشمري
مع إطلالة درة الشهور وسنام الأيام «شهر رمضان المبارك» تنمو فرصة الحديث عن العمل الخيري الذي تتوسع مناهجه، فتكثر فيه هبات الخير، وتمتد أيادي المحسنين بالعون للمحتاجين الذين يستحقون الصدقة، فينتظرون قدوم هذه الأيام المباركة، لتقضى على أيادي الخيرين حاجاتهم، ويفرج الله عن كرباتهم.
وأبرز ما نطالعه في هذا الشهر الكريم هو تعدد أبواب الخير، وتدفق المواد، وتدافع الناس في هذه المناسبة لتقديم العون والمساعدة؛ ابتداء من مشروعات ومخيمات «إفطار الصيام» والغذاء والكساء؛ إلى مبرات الخير والعون والمساعدة في الداخل والخارج، إلا أن هناك تحديات تواجه القائمين على هذه الأنشطة؛ فكثيرًا ما أشاروا إلى أهمية التنبيه على الجميع بأن الخير والعطاء ليس مقتصرًا على أيام رمضان وحسب، بل هو مفيد ونافع وأجره عظيم في كل وقت وزمان بما فيها هذا الشهر.
فالعمل الخيري يتطلب الجهد فيه أن يكون موزعًا على أيام وشهور العام، لكيلا يكون هناك تكدس في المواد والاحتياجات اليومية، وتكاثر في طلبات توفير المواد الغذائية والاستهلاكية التي قد لا تنتظر لأشهر قادمة، وقد لا يُحْسَنُ تخزينها والعناية بها مما يعرضها للتلف، فمن المهم والواجب أن تكون هذه الاحتياجات متوفرة بانتظام، وبمعيار مناسب على مدار العام.
فدور الجهات المعنية بأمر التواصل والترتيب والتكامل في العمل التنظيمي والإداري والميداني في هذه الأيام المباركة مهم جدًا ومثالي، حيث يعظم الأجر، وتتضاعف الحسنات، وتكثر جهود الخير، وتتواصل المبرات وأيادي الإحسان، إلا أننا بحاجة ـ كما أسلفنا ـ إلى ترتيب وتنظيم أكثر.. فلعله يتم التبكير بفعاليات الخير لشهر أو شهرين قبل رمضان المبارك وأخرى بعده، لتتسع دائرة النظام والعمل في هذه المشروعات التي تتطلب شبه ديمومة مع محاولات حثيثة لكيلا تكون مكثفة في فترة واحدة وبقية العام تخبو هذه الجهود.
فمن المناسب أن تكون هذه الجهود والمنح بصفة دائمة، فإن كل الشهور مباركة، فهناك من رجال الأعمال والمال والموسرين من هو على استعداد للبذل والعطاء بصورة معتادة، بالرغم من أن هناك صورة نمطية ترسخت لدى الكثيرين مِنَّا بأن هناك من يغيب عن هذا التفاعل الإنساني والخيري على مدى شهور، إلا أنه فجأة تستيقظ لديه حاسة العطاء، ليتصور أن رمضان هو الوقت المناسب بينما كل الشهور مناسبة لبذل الخير.
فالتنسيق والتنظيم والشراكة الهادفة هي أهم مرحلة يمكن للجميع أن يتفاعل معها، مع محاولات الابتعاد عن استغلال هذه المناسبة للترويج الدعائي والتسويقي للسلع والمواد، مما يسبب حالة من تكدس العروض التي قد لا تنسجم مع أهداف هذا الشهر المبارك.
فأبرز محفزات أعمال رمضان الخيرية ربما تتمثل في صياغة مفهوم مناسب لهذه التبرعات والصدقات، وأن ينشط الجميع في توزيع جهودهم ومهامهم، مع ضرورة أن يكون ذلك من قبيل العطاء بلا مَنٍّ أو مراءاة أو ممالأة لأحد من الناس، أو سعي لهدف تكسبي لا يضيف شيئًا مفيدًا لقيم هذه المناسبة العظيمة.