د. أحمد الفراج
في خضم حديثنا عن التطرف الديني، والجنون والإجرام باسم الدين، مثل ما تمارسه جماعات الإسلام السياسي، وتنظيم داعش، علينا أن نتذكر أن مثل هذا الجنون ليس حصراً على العالم العربي والإسلامي، فهو ينشط مع انعدام الوعي والجهل ووجود القطيع المطيع، وبالتالي فإنه يكثر في عالمنا، ويمتد، على عكس العالم الغربي، حيث يساهم الوعي، والحرية، وتطبيق القوانين الصارمة في انحسار مثل هذه الظواهر الإجرامية، والتي تتخذ من الدين ستاراً لها، إذ إن تجار الدين موجودون في كل مكان، ومن الجيد الإشارة إلى أن القطيع هم الضحايا دوماً، أما القعدة من القادة المتاجرين بالقيم الدينية النبيلة، فهم يتاجرون، ويعيشون نمطاً معيشياً يشبه نمط عيش الأباطرة، هم وأسرهم، ولا زالت الأمة الأمريكية تتذكر الواعظ المجرم، جيم جونز، والذي تسبب بمقتل عدد عظيم من أتباعه، وكان عدد ضحاياه في حادثة واحدة هو الأكثر في التاريخ الأمريكي، حتى جاءت أحداث سبتمبر، في 2001، فاحتلت الرقم القياسي!!.
وُلد الواعظ المسيحي، جيم جونز في مقاطعة راندولف، بولاية انديانا، في عام 1931، وأسس معبداً أسماه «معبد الشعوب»، في عام 1951، وذلك في مدينة انديانا بولس، بولاية انديانا، وجونز صاحب كريزما جاذبة، وعذب الكلام، وقد قال إن معبده سيتولى الدفاع عن الطبقة الفقيرة، ويقبل المنتمين له من كل الأعراق، وسينادي بالعدالة الاجتماعية، وغني عن القول إن أمريكا كانت تطبق نظام الفصل العنصري في ذلك الوقت، وقد رزق بطفل، ثم تبنى أربعة أطفال آخرين، وقد كبرت كنيسته لتضم أكثر من ألف تابع، ولأنه يقف مع المهمشين، فقد تولّد لديه شعور بأن الحكومة الأمريكية سوف تهاجمه، هو وأتباعه، بالقنابل النووية!!، إذ كان واضحاً أنه يعاني من مرض الارتياب، وبعد أن كبرت كنيسته، انتقل إلى ولاية كاليفورنيا، في عام 1965، وأطلق على ممارساته مسمّى: «الاشتراكية الرسولية»، وكان يحافظ على أتباعه بالترغيب والترهيب، مثله مثل أي زعيم ديني مؤدلج، واستطاع السيطرة على أتباع معبده بشكل كامل، فقد كان يأخذ أموالهم، ويحرمهم من النوم، وماذا بعد؟!.
كبر معبد جيم جونز، وبلغ عدد أتباعه ألفين وخمسمائة، وفي عام 1976، قرر نقلهم إلى بلد أجنبي، فقد أسس مشروعاً زراعياً في دولة قايانا، بأمريكا الجنوبية، على المحيط الأطلسي، وسكانها من السود، ولأنه يسيطر على أتباعه بشكل مطلق، فقد عرض عليهم فكرة: «الانتحار الثوري»!!، وفي نوفمبر من عام 1978، وفي حادثة هزت أمريكا، انتحر أكثر من تسعمائة من أتباع جونز، عن طريق شراب العنب المخلوط بالسم، بما فيهم أكثر من ثلاثمائة طفل، وبعد كل ذلك، اتضح أن جيم جونز لم يكن سوى مريض نفسي، مدمن على المخدرات والأدوية، ورجل مهووس بالجنس، وشاذ جنسيا!!، واتهم حتى بممارسة الجنس مع الأطفال، فهل يذكركم هذا المعتوه بأحد؟!، لأنني ، شخصياً، أتذكر أعضاء عصابة داعش، كلما أعدت قراءة قصة هذا المجنون!!.