د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
.....
( ? )
** تسير بنا الحياةُ سخاءً حتى نظنَّها لا تبخل ورخاءً فنحسبها لا تقسو وآمنةً مطمئنةً فنستجيب طائعين لما نادى به العم « كارنيجي» إذ « ندعُ القلق ونبدأُ بل نحب الحياة « .
** نلهو عن المتاعب ونُهوّنُ المصاعب ونظن الريحَ نسيمًا نستعين عليها بالدعاء ونتقيها بقراءة الأنواءِ ومراقبة الأجواء، ويجيء الغيمُ فنلونه بالمطر وتقبل الدنيا فيزهو بها الوطر.
( ? )
**ليست الحياةُ وحدها المسؤولةَ عن أحاسيس الاسترخاءِ التي ننسى بها الضيقَ والمضائق ؛ فلبعض الأحياء طعمُ الهوى الجميل فلا نرى فيهم العيب ، ولا نروي عنهم إلا الطِّيب ، ونعتقد أنهم هبةُ السماء ونماذج الأسوياء.
( ? )
** نعلم أن هؤلاء النبلاء هم الاستثناءُ من القاعدة المكتنزةِ بالأشقياء، مثلما نتيقن أن الدنيا ملأى بالكروب والخطوب ؛ فإن صفت أيامٌ تكدرت أيام ، وإن هدأت زمنًا ضجت بها أزمنة.
( ? )
** حين ألف الدكتور عبدالرحمن الشبيلي سيرة مرض ابنه « طلال « - عليه رحمة الله - قرأ صاحبُكم مسَوَّدته الأولى « وربما قبل الأولى « وكان له رأيٌ في تعديلاتٍ مهمةٍ استجاب لها كلِّها « أبو طلال « إلا واحدًا برر تمسكه به لسببٍ لم يُقنع صاحبكم حينها؛ فلم يرُقْ له العنوان ( حديث الشرايين ) الذي برره المؤلف بأنه على وزن ( حديث الركبتين ) للدكتور عبدالعزيز الخويطر -غفر الله له -؛ فهل استشرف الشبيلي أن الشرايين لن تكون صفحاتٍ موجعةً في كتابٍ يتيمٍ بل حكايةً ممتدةً لم يروها الأب المكلومُ بقلمه فقط بل حملها بقلبه ليفجعَ بها مريديه حين سقط هذا الزاهي المضيءُ الوضيءُ بانغلاق « خمسةٍ منها « دون تأريخٍ مرَضيٍّ؛ فكأنها الوراثةُ المقلوبةُ ، أو لعلها إيذانٌ بسِفْرٍ جديدٍ عن شرايينَ حيويةٍ امتلأت بالعطاء والوفاء والانتماء والصبر والأريحية والكرم والإيثار والجمال حتى لم تتسع لمكوناتِ الدم النبيل.
( ? )
** قبل سنوات كان في خطتنا إصدار ملفٍ ثقافيٍّ عن مسيرته العلمية والإعلامية وكنا نعتمد منهج التكتم قدر الإمكان كي يكون الملف إهداءً مفاجئًا للشخصية المكرمة ، وعرف الدكتور عبدالرحمن الشبيلي الفكرة- « ربما من أحد المستكتبين « - فهاتف صاحبَكم طالبًا وصفَ منزله ليزوره ؛ إذ لم يكن قد دخله بعد ، وسُرَّ المضيفُ بالضيف وتوقع أن يكون للزيارة هدفٌ بحثي فإذا هو « يرجوه « - بتواضع الكبار - ألا يصدروا عنه ملفًا، وبدت زيارةُ البيت إلزامًا لم يكن ليلتزمَ به لو جاءت عبر الأثير.
** كذا يقف من نفسه مع أننا لا نكاد نجد مناسبة تكريمٍ ثقافيةً لا يشارك فيها الشبيلي ؛ مقترحًا وكاتبًا ومنتديًا ، واسألوا مهرجانات « الجنادرية ومراكز حمد الجاسر وابن صالح والسديري ومؤسسة البابطين وثلوثية بامحسون وسواها» وعدِّدوا المدن التي زارها والأَعلام الذين وثق تأريخهم وعودوا إلى أربعين مؤلَّفًا أنجزها - « ومعظمها على حسابه الخاص « - دون أن ينتظر جزاءً ولا شكورا .
( ? )
** يعرف المقربون منه أن ثمة من سعى لتقديم كتاب عنه وإيجاد موقعٍ باسمه وتوفير أوراقه وصوره وتسجيلاته ، وما تزال المشروعاتُ قائمةً بهمة مريديه ، كما أن تكريمه على مستوى الوطن مطلبٌ نتمنى أن يتحقق قريبًا ؛ فذاكرةُ الإعلام وتأريخُ الأَعلام شاهدان على أن ( عبدالرحمن الصالح الشبيلي ) رقم لا يتكرر؛ فاللهم - من جوار بيتك المحرم - اشفه بقدرتك وأَحطه بعنايتك ومُنَّ علينا برؤيته سالمًا من كل ضُر.
( ? )
** الشرايين المعطاءةُ لا تنغلق.
...
- مكة المكرمة