رقية الهويريني
استهدفت الطائرات الأميركية (دون طيار) ببراعة وتركيز وحيوية فائقة الدقة وقتلت رأسين مهمين من رؤوس القاعدة في اليمن وليبيا، هما اليمني ناصر الوحيشي المساعد السابق لأسامة بن لادن، والجزائري مختار بلمختار رئيس تنظيم «الموقعون بالدم». ولا شك أن رداءة الوضع السياسي في المنطقة العربية وتنامي الفوضى ساعد على اختيار الهدف والتوقيت، فضلاً عن نشاط الاستخبارات الأمريكية المزروعة في منطقة الشرق الأوسط.
والحق أن مقتل الإرهابيين القياديين من القاعدة في ذات الوقت وبنفس اليوم وفي منطقتين مختلفتين (اليمن وليبيا) التي تجمعهما الفوضى؛ يشير إلى أن ثمة حالة من الضعف والتشتّت والاختراق في التنظيم الشهير! ولعل في مقتل هذه الرؤوس تقهقراً للتنظيم ومن على شاكلته. ولا شك أن مقتلهما بهذه الصورة يظهر قوة أمريكا حينما وجهت ضربة نوعية تحيط بها السرية شبيهة بمقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن. وهو ما سيؤدي لإلحاق الضرر بقدرات التنظيم وسيكسر القاعدة ويفتتها.
ومما يثير المخاوف هو الانفلات الأمني في اليمن والحرب الدائرة التي ستساهم بصعود جماعات متطرفة مثل داعش التي ترقب تراجع القاعدة وتعمل بدأب لتكون البديل للتنظيم الأول، لاسيما أن أعداداً كبيرة من عناصر «القاعدة» تتعاطف مع البغدادي.
وبالرغم من الجهود المبذولة من لدن القاعدة للمصالحة بينها وبين التنظيم الإرهابي الآخر (داعش)، إلا أن الهوة تتسع بينهما بسبب الخلاف الأساسي بين التنظيمين المتطرفين، من حيث التوجه العام لعناصر القاعدة وفكرهم البعيد عن فكر داعش الذي يتبنى نهجاً أكثر دموية ويستهدف المدنيين غالباً، بينما يشتركان بالمطامع السياسية بالرغم من تباين القدرات العسكرية، حيث يظهر الواقع قوة داعش وتمددها مقابل ضعف القاعدة وانكماشها وأفول نجمها. ونأمل ألا تكون تلك الضربات ضد قادة التنظيم تؤدي لنوع من الكمون فحسب، لتعود وتنشط وتسعى لترتيب صفوفها!
ولعلنا نتفق بأنّ أمريكا وإن كانت تملك هذه القدرة الاستخباراتية ودقة التركيز بالهدف؛ فإنها للأسف لا تملك النوايا الطيبة لعالمنا العربي الجريح، حيث تستهدف ضرب القاعدة في اليمن لصالح الحوثيين الموالين لإيران، وتتعاون مع إيران ضدنا، وهو ما يجعلنا لا نثق بها، ولا نعول عليها كثيراً!