صيغة الشمري
تتذمّر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) من عدم تعاون أكثر من ست عشرة وزارة ورئاسة معهم، ومنعت منسوبيها من تأدية مهامهم الرقابية، وحجبت عنهم الوثائق والمعلومات، وسترفع نزاهة تقريراً لمقام خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بهذا الكلام مصحوباً بأسماء تلك الجهات بالتفصيل، وإن صدق الخبر فهو أمر مفجع يضرب مصلحة الوطن في الصميم، ويجعلنا قلقين أشد القلق على مستقبل هذه الوزارات مهما كانت الأسباب التي دعتها لعدم التعاون مع منسوبي نزاهة،
ويبدو من هذا العدد الكبير من الوزارات الرافضة، أنّ الأمر قد لا يكون متعلقاً بالنزاهة نفسها أو خوفاً من اكتشاف فساد لديها، بل يتعلق بآلية وعمل منسوبي نزاهة أو الوزارة المراد تفتيشها، لأنه من غير الممكن أن يترك منسوبو تلك الجهات أعمالهم ليعطلوا عمل الوزارة من أجل أن يقوم منسوبو نزاهة بتفتيشهم والتأكد من عدم فسادهم، وليت نزاهة قبل أن ترفع التقرير للمقام السامي قامت بخطوة تصب في مصلحة النزاهة ومكافحة الفساد، وهي معرفة أسباب رفض كل تلك الجهات التعاون معها، لأنه من الواضح أن عند تلك الجهات أسبابها التي تجعلها في مأمن عند مواجهتها بتهمة عدم التعاون مع منسوبي نزاهة، وإن كانت لدى تلك الجهات أسبابها المقنعة والتي تبرر لها عدم التعاون مع نزاهة، فذلك يدل على أنّ هناك خللاً أو ضعفاً في آلية عمل نزاهة فيما يخص الرقابة على تلك الجهات، وهذه هي الحقيقة الأقرب والتي تفسر هذا الرفض العلني الذي لا يمكن تركه يمر مرور الكرام، لأنّ المسألة تمس مصلحة وطن بأكمله ونمو مجتمع يحاول أن يتخلص من الفساد بكل إصرار وقوة، نزاهة بدورها كانت في مستوى المسؤولية والأمانة ولم تجامل أي جهة على حساب النزاهة، بل كانت حاضرة حضوراً مشرفاً وقوياً، وما هذا التقرير إلاّ دليل واضح على إصرار نزاهة أن تكون اسماً على مسمى، وأن تسجل بأحرف من ذهب موقفاً وطنياً مشرفاً وراقياً وهي تضع هذه الحقائق ذات الحساسية العالية على طاولة المقام السامي، ويتضح من هذا العدد الكبير من الجهات التي رفضت التعاون مع نزاهة أنها لم تجامل أحداً في هذا التقرير السنوي، ورغم أنّ الخبر لم يذكر تفاصيل أكثر عن أسباب رفض تلك الوزارات تعاونها مع نزاهة، إلا أنّ الأسباب لن تخرج كما أسلفت عن طريقة عمل أو آلية عمل نزاهة، حيث كان بالإمكان مراجعتها خلال الثلاثة أشهر الأولى من قبل نزاهة بعد اكتشاف عدم تعاون تلك الجهات معها، ورغم كل ما يمكن أن يقال عن ملاحظات حول آلية عمل نزاهة، لكنه لا يعفي أي جهة من التعاون معها، إنّ رفض التعاون مع نزاهة خطأ فادح بحق الوطن!