د. عبدالرحمن الشلاش
في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان المبارك الحالي والساعة تشير إلى الثانية ظهرا ودرجة الحرارة تلامس الخامسة والأربعين تكاد حركة المرور في الطرق الرئيسية بمدينة الرياض تتوقف تماما والسبب حادث تصادم بسيط وسط طريق خريص نتج عنه «دقشة» بسيطة تكلفة إصلاحها لا تتجاوز مئة ريال. أدت «الدقشة» إلى نزول السائقين لمعاينة الأضرار ثم مناقشة الموضوع من كافة جوانبه والاتصال على الكفيل وشركة التأمين بانتظار حضور سيارة المرور لفض الاشتباك ورسم الحادث وكل هذا العمل استغرق وقتا طويلا مما أدى إلى توقف الحركة وتسمر السائقين ومرافقيهم داخل سياراتهم وسط الحر الشديد في عز النهار وتحت وطأة الصيام.
توقف الحركة في الشريان الرئيس الذي يربط شرق الرياض بغربه من النظيم إلى طريق مكة أثر على كل الطرق الحيوية المرتبطة به مثل الطريق الدائري الشرقي وطريق الملك عبد العزيز وطريق الملك فهد وطريق الملك خالد، وكذلك الشوارع الرئيسية مثل الإحساء والستين والعليا، وكأن حادث « الدقشة « البسيط قد أثر على كل تفاصيل الحركة المرورية في العاصمة الحبيبة فأوقف العابرين وكذلك الداخلين إلى الطريق والخارجين منه في كل المنافذ التي تنتظم المدينة بطولها وعرضها، وحادث الدقشة أخذ أيضا مساحة لا بأس بها من الطريق شغلها السائقون والمتفرجون على الحادث وأهل النخوة من المتطوعين والذين نزلوا من سياراتهم للمساهمة في إصلاح ذات البين. بالضبط سلب هذا الحادث من وقت العابرين لقضاء مصالحهم أكثر من نصف ساعة وهو وقت كفيل بضياع موعد لمريض في مستشفى ربما حجزه من أشهر، وفات على آخرين مواعيد هامة، ولكم أن تتصوروا وضع من هو في طريقه للمطار وربما طارت الطائرة وهو مخنوق وسط الزحام الشديد وتكدس السيارات ولا يملك حينها إلا الابتهال إلى الله بالفرج العاجل، ولو أردت أن تحلل أكثر فستجد حالات لا حصر لها حدثت لكل فرد خرج من منزله أو من مكان عمله ولم يكن في حسبانه التوقف المفاجئ للحركة.
مدينة الرياض العاصمة المليونية فيها من الازدحامات والاختناقات ما يكفيها ومع هذه الحوادث العابرة وما أكثرها ستتزايد التعقيدات، ولعلنا أصبحنا وبتنا نحن سكان الرياض أكثر خبرة بطبيعة الحركة ومدلولاتها ومؤشراتها عند عبورنا لأي طريق من الطرق الرئيسية فإن كانت حركة السير بطيئة فهذا يعني أن الطرق سالكة لكن ما يعيقها كثافة أعداد السيارات وخاصة في أوقات الذروة، وإن توقفت الحركة فجأة فهو نتيجة لوجود حادث، وما أكثر الحوادث التي توقف الحركة في مشاهد شبه يومية معظمها حوادث بسيطة نتيجة احتكاكات بين السيارات في المسارات المتقاربة أو اصطدام خلفي من سائق غير منتبه أو نتيجة وقوف مفاجئ من السيارة الأمامية.
حوادث السير في الطرقات التي ذكرتها وفي مقدمتها طريق خريص يومية وفي أوقات متفرقة من اليوم ومن سنوات دون أن تبتكر حلولا لإخلاء هذه الحوادث بأقصى سرعة، وهذه مسئولية المرور فهل يعقل أن تؤدي « دقشة « لتوقف الحركة ؟ الإخلاء السريع من أنجع الحلول حتى لو بالطائرات العمودية المزودة بالمغناطيس!