سمر المقرن
أتحدث ومجموعة من الصديقات عن نوايا السفر في إجازة صيف هذا العام، قلت: إنني أنوي قضاء الإجازة في دولة عربية، فردت صديقتي: ولكنها جميعًا دول متوترة وخطرة، قلت: وهل نحن بمأمن في وطننا، كلنا في الهوا سوا؟!
الأحداث الإرهابية بدأت تأكل حياتنا دون أن نشعر، لم نعد نحس بالأمان، الناس يخافون أثناء الصلاة في المساجد، يشعرون بالتوتر وهم في الأسواق ونساء التفتيش يقفن على الأبواب للبحث في الحقائب خوفًا من قنبلة أو متفجرات.. الغريب والذي لاحظته في أسواق الرياض أن التفتيش للنساء فقط، بينما الرجال يدخلون ويخرجون من باب السوق دون تفتيش، ربما هناك خوف أمني من النساء وتوجس لم يتم الإفصاح عنه إلى اليوم بسبب خصوصية المرأة!
أتساءل بشكل عام عن دولنا العربية وإلى أين وصلنا من كره وبغضاء وقتل وتفجير وإرهاب يُرعب الصغير والكبير، حياة متوترة، قلق دائم، خوف متكرر، ممن؟ من أنفسنا، فمن يُفجر فينا ويقتل ويرهب ليس أمريكيا ولا أوروبيا، هم أبناؤنا ما يذكروني بالآية الكريمة: (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم) وهذا ما يحدث فينا هو من بني جلدتنا. قد يقول -بعضهم- أن هذا الإرهاب هو من صنيعة أمريكا لأهدافها السياسية، وأنا هنا أقول نعم ولكن لو لم تجد أمريكا بيئة فكرية خصبة في دولنا العربية لتنفيذ أجنداتها لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.
وضع المنطقة العربية بشكل عام مُخيف وتتجه إلى مسلسل طويل وقد يكون أطول من المسلسلات التركية إلى الفوضى والتشتت والدمار، والحلول الأمنية القوية هي مجرد حلول مؤقتة لكنها إلى هذا الوقت وفي كل مناطق الصراع والإرهاب في العالم العربي لم تتمكن من إيقاف هذا السيل الهادر من العنف والتخريب الذي تقوم به جماعات مُغيبة عن الدين والوطن، لا تفهم سوى لغة العنف حتى تجردت -تمامًا- من مشاعرها وأخلاقياتها، والضحية هم الشعوب والأوطان والاقتصاد والتنمية والمستقبل.
إن بروز كل هذه المشاعر السلبية في منطقتنا العربية من أسبابها انخفاض الإحساس بالحب الإنساني، وافتقاد الهوية الوطنية التي بمقدورها أن تحرك وترفع من هذه المشاعر تجاه كل شيء حولنا، هذا ما يؤدي إلى سهولة اقتناص المرضى والشواذ ومن ليس لديه شيء يخسره، لذا تتغير مسميات هذه الجماعات القادرة على تجنيد المغيبين تبعًا لمقتضيات العصر، فها نحن انتهينا من عصر القاعدة ولم يعد لأسامة بن لادن ذكر لندخل في مصطلح جديد نردده في الصحف والقنوات والفضائية ومواقع الإنترنت في اليوم مليون مرة هو (داعش) ويا ترى من سيأتي بعد داعش؟ تختلف المسميات والهدف واحد، الهدف هو تدمير المنطقة العربية وزعزعة الأمان على أراضيها، الهدف أن تكون أرضًا خصبة للعنف والنزاعات ويظل المواطن العربي في هذا القالب البليد، بينما المواطن الأمريكي والأوروبي يفكر بأمور أبعد بكثير من هذه، فهو يفكر ببناء نفسه ووطنه ومستقبله ومستقبل أبنائه، ونحن نفكر إن خرجنا من بيوتنا فهل سنعود سالمين؟!
المواطن العربي بقدر ما هو محبط من ظروف الحياة، صارت تتكالب عليه الظروف حتى وصل إلى أنه لم يعد يفكر إلا بموعد التفجير القادم!