عماد المديفر
قلب الحقائق، أو تزويرها، أو تشويهها، بين هذا الثالوث ظل يتنقل عدد غير قليل من الضيوف الذين انتقاهم بعناية، واستضافهم بدراية، وتخطيط كامل، برنامج يصفه متابعون بـالـ«غامض الأهداف»، فيما أصفه بالبرنامج الذي فتح الباب على مصراعيه لأبواق الدعاية المضللة.
لقد وفر لهم هذا البرنامج، وشقيقه الذي كان يعرض أسبوعياً، نافذة يطلون من خلالها على المجتمع، ليبثوا بواسطتها أفكارهم المسمومة، عبر استضافته المتكررة لمشبوهين، تضليليين، ممن ينتسبون، أو يرتبطون، أو ذوي صلة بشكل أو بآخر، بأجندات مريبة، أو ذات علاقة بجماعات إرهابية خطير، كتنظيم «الإخوان المسلمين»، أو غيره من جماعات الإسلام السياسي المحظورة، وأجنحتها المسلحة كـ«جبهة النصرة»..!
وكنوع من التمويه، تتم، بين فينة وأخرى، استضافة شخصيات وطنية مخلصة، ذات قيمة ووزن، ليظهر بمظهر الحياد، والتنوع، إلا أنك حين تقوم بعمليات إحصائية بالنسب والأرقام، لعدد ساعات البث التي خصصها لأبواق الدعاية المغرضة، وتكرار استضافته لشخصيات بعينها مراراً وتكراراً، وفي أوقات منتقاة، سينكشف لك توجهاته وأهدافه الحقيقية.
عبر هذا البرنامج الذي يدعي الحياد، تم، وعلى مدار سنوات، بث رسائل خطيرة مبطنة ومغلفة، تسمم الوعي المجتمعي، وتستهدف الهوية الدينية والوطنية، وتهدد الأمن الوطني، والفكري، وتسهم في إحداث الانقسامات والفرقة داخل أبناء البلد الواحد، تارة، من خلال تصنيف أفراد المجتمع ما بين «إسلاميين» و«ليبراليين» و«وطنيين» أو«جاميين»، وغيرها من التصنيفات التي لا أساس لها من الصحة!
وتارة تستهدف هذه الرسائل الإساءة إلى رمز أو مجموعة رموز وطنية، وأخرى تحاول تشويه صورة شخصيات فاعلة مخلصة من أبناء المجتمع، ممن لهم إسهامات مشكورة في نشر الوعي، وكشف أفكار التنظيمات الإرهابية التي تحاول أطراف عدوة بثها بين أبناء المجتمع، ليأتي هذا البرنامج محاولاً إسقاط هذه الشخصيات، والتشكيك في مصداقية وموثوقية من وقفوا سداً منيعاً ضد هذه الأفكار الإرهابية الدخيلة، التي يتم تغليفها بغلاف الدين، والدين منها براء. وفي المقابل يتم محاولة تدارك الضرر الذي أصاب صورة بعض نجوم ما يسمى بـ «الصحوة» أو ممن لهم سوابق من ذوي التوجهات المشبوهة الذين يسعون لتمرير مشروعهم التخريبي المغلف بصبغة دينية، واستطاع المجتمع بوعيه كشف حقيقتهم، ليقوم هذا البرنامج بمحاولة «إنعاش» هذه الصورة، و»تلميعهم» من جديد، عبر إعطائهم الفرصة لإعادة صياغة مواقفهم، وتبريرها، حتى رأينا من بعضهم كذباً بواحاً!
وتارة أخرى يتم من خلال هذه النافذة - وعبر عدد من الضيوف كالمعتاد - بث رسائل تستهدف التفريق بين القيادة والشعب، وإحداث فجوة بين الطرفين، وجعل كأنما قضية الشعب واهتماماته، مختلفة عن قضية الحاكم، أو القيادة.. أو بعيدة عنها!
كما جرى، وفي مرات عديدة، وبشكل متكرر، ومع أكثر من ضيف، بث رسائل تشكك في نجاعة منهجية وسياسات الدولة، وتشوه استراتيجياتها، مستهدفة إثارة الشعور بالخوف بين المواطنين من مخاطر الاستمرار على المنهج المتبع من قبل قادة الدولة، وادعاء عواقب وخيمة تترتب على استمرار قبول السير في هذا المنهج، أو تنفيذه، مع الاستمرار ببث رسائل ترسخ فكرة «الفشل» المزعوم، لنشر روح «الإحباط» و«اليأس»!. وبالمقابل، يتم إبراز وتضخيم قدرات العدو على التدمير والفناء، وادعاء سطوته، ونجاح مشروعه.
إن أي برنامج يقوم بمثل ذلك، لهو شريك مع العدو في حربه الدعائية النفسية التي تستهدف الوطن، فالدعاية المضللة سلاح فتاك خطير، يحقق ما تعجز عنه جيوش جرارة، بل هو «سلاح دمار شامل»، أمضى فتكاً وقوة من السلاح النووي! إنها حقيقة، لا مبالغة ولا خيال، حقيقة يعلمها العدو، ويعمل وفقها، ويستخدمها بدهاء. إلا أن قومي - ولله الحمد - يعلمون ذلك، ويعملون بمقتضاه، ويكافحونه بتخطيط مدروس، بقوة وحزم وعزم.