جاسر عبدالعزيز الجاسر
في الوقت الذي يضرب الإرهاب مفاصل العديد من الدول العربية تواجه حكومات تلك الدول إزعاجًا من منظمات حقوق الإِنسان، فحكومات هذه الدول ولمواجهة اتساع العمليات الإرهابية تلجأ عادة إلى إطلاق قوانين وأنظمة لمحاصرة تلك الجماعات والتنظيمات، وبما أن بعض هذه الحكومات تفتقر دولها إلى برلمانات تشريعية منتخبة، فإن تلك الحكومات تلجأ إلى سنِّ قوانين لمحاصرة الإرهاب، وهو ما تعتبره منظمات حقوق الإنسان تجاوزًا يحد من حرية المواطنين، في حين ترد الحكومات ومن يناصرها من أن الأمن الوطني للدولة يعد مقدمًا على بعض التفاصيل التي تحد من حرية وحقوق الإنسان التي يرى الكثير من الفقهاء الدستوريين أنه يمكن أن يتم التجاوز عن بعضها للتحصين والمحافظة على الأمن الوطني ومواجهة الجماعات الإرهابية بتشديد القوانين وتسريع تنفيذ العقوبات حتى يرتعد الإرهابيون ويكفون شرهم عن المواطنين ويرى مؤيدو الحكومات التي تواجه الجماعات الإرهابية، أن القصاص من الإرهابيين ومحاصرة إجرامهم وعقابهم هو دفاع عن حقوق الإنسان المستهدف بجرائم الإرهاب.
وهكذا يندلع صراع بين الحكومات العربية التي تواجه الإرهاب وتتصدى للجماعات والمنظمات الإرهابية ومنظمات حقوق الإنسان التي تعارض تشريع قوانين وأنظمة يرونها تحد من حرية الإِنسان، وتنال من حقوق المواطن في التعبير عن رأيه وحقه في الانتماء إلى الأحزاب والمنظمات السياسية والاجتماعية وقد تفجر في الأسبوع الحالي خلاف بين الحكومة التونسية وبين عدد من الجمعيات الحقوقية والنشطاء السياسيين بعد إعلان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي حالة الطوارئ لمدة شهر في تونس بعد الجريمة الإرهابية التي شهدها ساحل سوسة في منتجع مرسى القنطاوي.
أيضًا يعارض بعض النشطاء السياسيين وعدد من المنظمات الحقوقية قانون مكافحة الإرهاب الذي أصدرته حكومة إبراهيم محلب في جمهورية مصر العربية، ومع أن القانون المصري ليس جديدًا ويعد أخف وبكثير مما كان يعمل به في عهد الرئيس حسني مبارك، إلا أن بعض المنظمات الحقوقية ترى في تسريع تنفيذ الأحكام وخصوصًا أحكام الإعدام نوعًا من التسرع الذي يصيب بعض المتهمين والمحكوم عليهم بالإعدام بالضرر، كما أن أيضًا تسريع النظر في القضايا والمحاكمات أيضًا قد يؤدي إلى حدوث أخطاء وأضرار بالمتهمين بالرغم من أن المحاكمات في مصر أصبحت مملة وتأخذ وقتًا لا مثيل له في جميع الدول مما يضيع حقوق أهل الضحايا الذين ينتظرون على الأقل إنصاف ذويهم بالقصاص من الإرهابيين.
جميع الدول تعد تحصين الأمن الوطني مقدمًا على ادعاءات منظمات حقوق الإنسان التي كثيرًا ما تمثل غطاءً للجماعات الإرهابية، وهو ما تجاوزته الدول المتقدمة كبريطانيا وأمريكا وفرنسا.