فهد بن جليد
يُعرف السائح (السعودي) في الغالب، من خلال طريقة دفعه (للحساب)، وعلى أساس ذلك قد تتغير الأسعار؟!
فإذا كان سيدفع (نقداً) فهذا دليل على أنه من (الزائرين)، أما إذا كان سيُحاسِب (بالشبكة البنكية) فهنا الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة لأصحاب المطاعم، لأنه يعرف الطريقة التي يقل فيها الاستغلال، خصوصاً مع تطور الإنترنت، واعتماد البشر على التواصل الإلكتروني!
نحن الجنسية الأكثر حملاً (للنقود)، وهذا غير صحي وخطر، الكل يجتهد لتفعيل المصرفية الإلكترونية في التعامل، لحفظ الحقوق، وعدم إهدار ما بقي من (فراطة)، وسهولة الرجوع للأمر عند أي طارئ، ولكن نقاط البيع عندنا مثل (محطات البنزين)، أو (المقاهي على الطرق) أو البقالات الصغيرة، لا توفر مثل هذه الخدمة، وتحارب هذه الثقافة!
العالم يتطور إلكترونياً بشكل كبير ومُذهل، بإمكانك اليوم في (دولة خليجية مجاورة) أن تدخل على تطبيق خاص بمطعم أو مقهى، وأنت في الطريق إليه، وتحجز الطاولة التي تُحددها، ثم تختار القائمة التي تُريدها، وتحدد الوقت الذي ستصل فيه بالضبط، وعدد الأشخاص المرافقين لك، ثم تدفع عبر التطبيق من حسابك البنكي، وعندما يؤكّد لك التطبيق نجاح المهمة، تحضر لتجلس على الطاولة دون أن تكون مُضطراً للحديث مع النادل أو (الجرسون)، أو دفع (بخشيش) أو (إكرامية)، فكل ما تريد واضح عندهم، والحساب مدفوع مُسبقاً، ولك حق تقييم الخدمة وتغيير الطلب!
مثل هذا التطور يُهدد (بتقليص الوظائف)، وتخفيض عدد البشر، بل يؤكد أن العلاقات الإنسانية في تناقص، على النقيض من ذلك تؤثّر علينا التقنية بشكل خاطئ، من خلال تعامل الجيران بعضهم مع بعض على أرض الواقع، فقد يتصادفان (وجهاً لوجه) ولا يسلِّم أي منهما على الآخر، أو يبارك له بالشهر أو العشر الأواخر، ولكن بمجرد أن يجتمعا عبر (الواتس) أو في (تويتر) ستجدهما من أكثر الأشخاص تفاعلاً وترحيباً ببعضهما، وتهنئة وتبريكاً، وكأننا من كوكب إلكتروني فقط!
نحن نعيش تحولاً كبيراً في (علاقاتنا)، ويجب تدارك الأمر وعلاجه، قبل أن يُطلق السيد (بوك مارك) مؤسس الفيس بوك (طيارته) لبث الإنترنت بالليزر عبر الفضاء للعالم مجاناً!
هذا المشروع ربما يقضي على ما بقي من تعامل بشري، ما عدا السعودي الذي سيبقى عرّاب (الدفع نقداً)!
وعلى دروب الخير نلتقي.