فهد الصالح
يتفطر القلب كلما طالعتنا صحافتنا الرياضية من باب مسؤوليتها الاجتماعية بحال لاعب من اللاعبين السعوديين الدوليين أو المحليين وهو يعاني من شلل رباعي أو نصفي أو جلطة في المخ تسببت في إعاقة دائمة أو أزمة قلبية أو فشل كلوي أو زراعة عضو أو ضعف بصر أوغيرها من الأمراض التي لن نتجاوز إذا قلنا: إنها أصبحت تستعرض بشكل أسبوعي في صحف ومجلات هذا الوطن, وأصبح المنصف حتى وإن لم يكن رياضيا يسأل وباستغراب كبيركيف أصبحت حال اللاعب بهذا السوء بعد أن كانت الأكف تصفق له وتقف احتراماً وتقديراً لوطنيته العالية وإنجازاته الموسومة باسمه في سجلات التاريخ وأذهان الرواة، وتتذكرما قدم للوطن عبر المنتخب وما شارك فيه من بطولات لناديه، وكيف يترك بهذه الصورة من دون نظام يكفل له الحياة الكريمة ويساهم في علاجه بدلاً من التسول والاستجداء واستعطاف أصحاب القلوب الرحيمة لانتشاله مما هو فيه وكيف ترضى الجهات المسؤولة عن الرياضة بهذه النهاية المأساوية لمن ولاهم الله أمرهم وائتمنهم عليهم، وهل في ذلك وفاء ورد للجميل الذي قدموه من أعمارهم وأوقاتهم وأوقات أسرهم والحالات كثيرة جداً يصعب استعراضها ولا ينبغي اختصارها لأن القارئ الكريم يعرف الأسماء بالتفصيل سواء من بقي منهم أو رحل للآخرة.
إن ما تقدم يجعلنا نجزم أن على الرئاسة دورا يجب عليها القيام به وكما يجب أيضاً أن تلزم به الأندية الرياضية وخصوصا أندية الدوري الممتاز التي أصبحت خزائنها ملأى من عقود اللاعبين والرعايات مع مشاركة الرئاسة فيما سيطرح لأنها كذلك أصبحت إيراداتها من عقود الدوري والنقل التلفزيوني مرتفعة جداً، وأصبحت شريكة في هذا الهم وموافقة لهذا الهدف، ولأن ترك الحبل على الغارب وبقاء الحال على ما هو عليه لن يخلق لدينا رياضة نتشرف بوجودها في مجتمعنا، ولن نستشرف المستقبل بشيء من التفاؤل لأبنائنا لأننا نحتاج إلى التفكير الخلاق في حال الرياضي بعد عجزه أو حتى بعد اعتزاله، وإن لم يصبح عاجزاً، فعجلة التطوير في الغالب شبه متوقفة وإن سارت فهي متباطئة أو تسير بصورة جيدة في البداية ثم تغيب المتابعة وتتوقف قبل نصف الطريق فتجد المخرجات دون المأمول أولا تأتي إلا بأنصاف الحلول على الرغم من أنه يسبقها زخم إعلامي وتنظير نعتقد معه أن سنصبح من أرباب العالم الأول وليس الثاني، وهذا أصبح حال رياضتنا وتركنا الطموح في العالمية إلى أن نسجل مواقف قارية أو خليجية تسترنا أمام من كانوا لا شيء إلا أن سبقونا في المجال الرياضي, وغابت هنا وبكل أسف لجنة المسؤولية الاجتماعية التي رأينا فيه شمعة مضيئة في البداية، ويبدو أنها لم تشتعل بعد ولكن كان طبعنا التفاؤل أو التصديق بالأحلام التي تنقل إلينا فكان يقيننا أن الحال سيتغير ولكن هذا يقين غير دقيق.
إن ما نرغب طرحه في هذا المقال هو التأمين الطبي الدائم على اللاعبين وبوثيقة خاصة لهم تتبناه الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتلزم بها الأندية حتى يصبح عدد من سيغطيهم التأمين كبيرا وتقل تكلفة وثيقة التأمين تبعاً لذلك، ويمكن أن تصاغ وثيقة خاصة بإصابات الملاعب وتطرح في منافسة عامة مع شركات التأمين الموجودة لدينا، ولعل بالإمكان إصدار فتوى شرعية بالتأمين الدائم أو المؤقت على اللاعب علماً أن جميع أنواع التأمين تحقق المنافع والتغطيات تتضمن تأمينا مؤقتا على الحياة وحالة الوفاة الطبيعية أو جراء حادث، وتأمينا للعجز الكلي الدائم وحالة العجز الكلي جراء مرض أو حادث، وتأمينا للعجز الجزئي الدائم وحالة العجز الجزئي جراء مرض أو حادث, وسنجد من شركات التأمين عند دعوتها لتقديم رؤيتها أوخطة عمل أو دراسة ميدانية محلية وعالمية عن تلك الحال فإننا سنطلع على مستقبل سيكون أكثر إشراقا وأرقى إنسانية وأقدر على تسطير الخيرية التي خصنا بها الله سبحانه وتعالى بين البشر مع الاستفادة من تجارب الآخرين في تلك القضية الهامة, والحديث عن التأمين الطبي يؤكد حاجة الرئاسة لتعزيز الجانب النفسي لكل فئات المجتمع ورفع درجة ثقتها في تفاصيل المنظومة الرياضية واهتمامها بالرياضيين ومستقبلهم الصحي والأسري.
إننا بأي صورة شرعية للتأمين سنضمن عدم تكرار المأساة على اللاعب، وكذلك ستحفظ بكرامته وكرامة أسرته ولن نجعل من الإصابة شبحا يخيم على اللاعب منذ تسجيله في النادي لأنه سيجد من يتولى أمر علاجه وبشكل ممنهج وإنساني ونرفع بذلك درجة الأمان المستقبلي للرياضة عامة ونربط بين جوانب الاستفادة من اللاعب والحفاظ عليه أثناء فترة العطاء ورعايته بعد عجزه أو اعتزاله والوفاء منه لا يستحق إلا الوفاء له. ومع الاحتراف الذي تتعامل به أغلب الأندية فإن التأمين الطبي الدائم أصبح ضرورة ملحة لأن الوضع المادي للاعب وللنادي أصبح مريحا ويستطيع اللاعب أو النادي أن يسير في اتجاه هذا الأمان, وقد يصبح ذلك ميزة تنافسية في استقطاب اللاعبين إذا كانت مستويات التأمين الطبي عالية وتغطي كافة مخاوف اللاعب, ثم إن الجميع يتفق معنا أن عمر اللاعب مع الاحتراف قد أصبح قصيراً وهي حالة خاصة بنا، وهذا جهل في الأصل بثقافة الاحتراف لأن درجة الأنا ترتفع عند اللاعب في البداية ويسعى لأن يؤمن مستقبله في ثلاث سنوات لأن قيمة العقد عالية وهو مطلوب ثم يقول هذا يكفي بدلاً من الإصابة المزمنة التي قد تحدث في أي وقت، فالمستقبل بالنسبة له غير واضح وليس ثمة أمور إيجابية يستطيع أن يبني عليها مستقبله حتى يجعل أحد أهداف البقاء في الملاعب أطول فترة ممكنة حتى تنمو مدخراته في حالة التأمين طبياً عليه واستقراره نفسياً بهذا, وفي الغالب أن استثمار اللاعب في نفسه أوحفظه لمدخراته ينتهي خلال سنوات قليلة جداً ويعود إلى الحالة التي لا نريده أن يكون عليها.
وحتى تتم دراسة هذا المقترح والخروج به بنتيجة ايجابية نحافظ بها على الثروة الوطنية رياضيا حتى ولوطال الزمن في الدراسة والخروج بنتيجة ذات قيمة ويطرح من خلالها وثيقة خاصة بالرياضيين فإن الواجب أن يجهز مستشفى الأمير فيصل بن فهد لإصابات الملاعب بشكل مميز وتوسع طاقته السريرية، وكذلك الفندقية ويسلم لشركة طبية متخصصة تديره وتشرف عليه وتتولى تأمين الكوادر الطبية القادرة على التعامل مع الإصابات بجميع أنواعها، وكذلك تجهيز عيادات خاصة للأمراض الأخرى, مع ضرورة أن يكون هناك أجنحة للإقامة الطويلة بدلاً من مستشفى النقاهة ومدينة الأميرسلطان الخيرية والعمل على افتتاح فروع للمستشفى في المناطق الرئيسية ليستوعب الرياضيين في مناطق المملكة, وهذا أقل الواجب لمن خدم الوطن بجهده ووقته وسمو الرئيس العام حري بكل خير خاصة وأنه صاحب نجاحات عديدة في القطاع الخاص ويستطيع أكثر من غيره أن يبني صورة أكثر إشراقاً للرياضيين بدراسة هذا الملف وسرعة إطلاقه وطنياً.