سمر المقرن
عندما أبحث في حياة بعض الفلاسفة أجد لديهم نظرة حادة تجاه المرأة تكاد تصل إلى حد العداوة، كما أجد أن كثيرًا منهم لم يتمكنوا من المرأة الحبيبة لذا حياتهم تعيسة مما خلق لديهم هذه الشراسة تجاه المرأة. وليس الفلاسفة وحدهم بل إن كل رجل غير قادر أن يجد مع امرأة حياة متكاملة السعادة يظهر لديه جانب عدائي تجاه المرأة.
وأنا هنا لا أستنتج إنما لديّ بعض المقولات التي تؤكد على ما أقوله، وسأتخذ من الفيلسوف اليوناني سقراط «أنموذجًا» كقوله: (إذا كانت زوجتك جيدة ستكون إنسانا سعيدا.. وإن كانت سيئة ستكون فيلسوفا) وهو هنا يعترف ليس بأنه لم يقابل سوى نساء سيئات بل إنه لم ينجح مع المرأة، وقد لا يكون العيب منها! ومعروف عنه أنه كان متزوجا من امرأة سليطة اللسان، وهذا الحكم على ما يبدو لي مصدره سقراط نفسه، لذا لا يمكن أن نحكم عليها بنفس الحكم لأننا لا نعلم كيف كانت تراه، ولم نسمع سوى منه.. وهنا ندخل في قضية الأحكام والسماع من طرف واحد وسرعة اتخاذها، بينما لو روت لنا زوجة سقراط عيوبه لما اشتهر أنه كان رجلاً مظلومًا من زوجته فمن المحتمل أن تكون الحقيقة العكس!
وهذه مشكلة منذ بداية الخليقة بين الرجل والمرأة، فعدم وجود انسجام بينهما لا يعني أن كل طرف يجب أن يفشي عيوب الآخر، وعدم التوافق ليس شرطًا بسبب عيوب ولا يوجد إنسان كامل، فإن أتى الحب ألقى بظلاله على كل العيوب وقد تكون بعضها ميزات وإيجابيات في نظر الآخر، وإن لم يجمع بينهما الحب فحتى المميزات والحسنات قد يراها الآخر عيوباً، أما من ناحية سقراط -مع احترامي له- فأنا لا أثق برؤاه تجاه المرأة وهو القائل: (يوم تصبح المرأة مساوية للرجل تمسي سيدته).. المشكلة في هذه المقولة وغيرها ليس لأنها نظرة الفلاسفة الذين نحترمهم بل إن هذه النظرة للمرأة وبرغم أنها كانت في حياة سقراط قبل أكثر من 400 عام قبل الميلاد إلا أن هناك من يراها بهذه النظرة إلى اليوم، بل إن هناك نساء يقدسن مثل هذه الأفكار ويحاربن لأجل بقائهنّ في مراتب دونية!
وسقراط حتى وهو يمتدح المرأة يذمها، كقوله: (كلما أردت السعادة تمثلّت أمامي صورة امرأة.. حائزة على جمال المرأة وعقل الرجل) وفي هذه المقولة لا يختلف كثيرًا عن من يمتدح المرأة في زمننا هذا بألقاب تُنسب للرجل كأن يقال بنت رجال أو فلانه ما شاء الله عليها كأنها رجال، مما يعني ترسيخ العيب في الأنوثة والتقليل منها، وهذا إن كان يحدث في زمن سقراط قبل آلاف السنين فهو ما زال باقيًا إلى اليوم.
إن ربط الأنوثة بالعيب هي سلوكيات تحدث دون أن نشعر، ولعل من أكثر هذه السلوكيات الدارجة عندما يتم امتداح طفل ويقال له (إنت رجال) بينما من النادر امتداح طفلة بالقول (أنتِ امرأة) إلا عندما يرتبط هذا بتذكيرها أصول العيب والحرام.. الأنوثة ليست عيبًا بل هي جمال يُضاف إلى جمال العقل، والعقل لا يرتبط بذكر أو أنثى وكم من رجل لا يوازي عقله مقدار ذرة من عقل الأنثى بما فيهم سقراط!