علي الخزيم
جماليات رمضان الروحانية جزء من كرم هذا الشهر الفضيل بكل أبعادها وجملة مقاصدها الشرعية، وينشرح الصدر أمام هذه المبادرات من جماعة المسجد ومرتاديه للصلاة والتراويح وتراص صفوفهم غير المعتادة في الأشهر غيره، وهذا أمر مقبول ومتوقع اذا ما افترضنا أن الناس في غير رمضان ينتشرون في أطراف المدن والقرى سعياً وراء أرزاقهم ومعايشهم، لكنهم في رمضان يحرصون على إنجاز مشاغلهم للتفرغ للعبادة ليلاً، وهذا ما يجعل المساجد تمتلئ بالمصلين مغرب رمضان، وهو ما أثار أحد أئمة المساجد في أول يوم من رمضان؛ فبعد التسليم نهاية صلاة المغرب توجه للمأمومين يقول: (حيا الله اللي ما شفناهم من رمضان الماضي)، وهي عبارة اثارت امتعاض الجميع لأن السبب واضح، ولأن من شأن بعض العبارات تنفير الناس وليس تشجيعهم على الخير، ومن الملاحظات ان مسجداً يكاد يمتلئ بكراتين مياه الشرب المعبأة، سألت احدهم عن السبب؟ فقال: ان شيخاً مسناً ومقتدراً يُصر كل عام ان يجلب الماء للمصلين طيلة الشهر الكريم ولا يريد أحداً أن ينافسه، بل انه يغضب من التدخل في أمر السقاية بالمسجد ويعتبرها شأنه الخاص، وأن المحاولات لم تُجْدِ معه، وحين يتبرع أحد غيره بالماء ندخلها سراً فتتراكم كما ترى، ولماذا الماء تحديداً رعاك الله؟ أجاب بأن الناس تشاهد بعض المقاطع والرسائل الالكترونية عن فضل سقيا الماء فتنساق حباً للخير، مع أن مجالات الخير كثيرة وبالمساجد مجال رحب للعمل الخيري، ويحسن التنبيه الى ملاحظة يرى الكثيرون انها مزعجة وهي ان ثلاجات الماء في بعض المساجد توضع خلف المأمومين واثناء التراويح تكون فرصة الأطفال ممن حضروا مع أهليهم للعبث بعبوات الماء والتراشق بها، ومن التسابق الذي يراه البعض غير محبب هو أن بعض الأشخاص ـ كما هو مشاهد يومياً ـ يحجز له مكاناً خلف الامام من بعد صلاة المغرب أو قبلها لصلاة التراويح والتهجد، ولربما أوحى بطريقة ما ان هذا المكان له واشعار الآخرين انه يُفَضّله، بل شوهد من يحجز له مكاناً، وإذا دخل الى المسجد شخص يريد مجاملته يناديه بالاسم ليكون بجانبه خلف الإمام (تعال هنا يا أبو فلان) ويزيح من كان قد جاء قبله لأن هذا في الحقيقة يخجل من الموقف فيتنحى قليلا او يبتعد كلياً، وهذ الواقع يذكرني بأشخاص اعتادوا ـ جزاهم الله خيراً ـ التبكير للمسجد عند كل صلاة ولكن تحدث لهم ظروف قد تمنعهم احياناً من الحضور كالعادة فتجدهم يبحثون عن أي فسحة بينالمصلين عند إقامة الصلاة ليكونوا في المكان المحبب لهم خلف الامام، حتى لو كان على حساب راحة الآخرين، وكأن صلاتهم لا تتم إلا بهذا المكان، او كأن قيمتهم ستنقص إن هم صلوا هذه المرة وسط أو أقصى الصف، ويبدو أنها العادة تتملكهم لشعورهم الباطن انهم من المحسوبين على مقدمة الصفوف.
وبعد فهذه ملاحظات عابرة يجمل عدم تفويتها بالشهر الكريم ولعلها غير مغضبة.