إبراهيم السماعيل
هل وقع القط الإيراني في الفخ الأمريكي بعد الاتفاق النووي..؟ أم أن هذه مجرد تمنيات لا أكثر.. هذا ماسوف أحاول الإجابة عليه في هذه العجالة.
هذه انطباعات مواطن عربي مسكون بنظرية المؤامرة حول ما أُعلن عنه من اتفاق الولايات المتحدة (ولا أقول الغرب) مع إيران حول مشروعها النووي. نظرية المؤامرة التي طالما اتهم بها الكثيرون هي في الواقع نظرية حقيقية، فالسياسية كلها مؤامرات ولا أدل على هذا من اتفاقية سايكس بيكو سيئة الذكر وقبلها وبعدها الكثير من المؤامرات لمن يرغب أن يرى الأمور على حقيقتها وعليه فلا بأس أن أكون ممن تسكنه نظرية المؤامرة.
لقد قيل وكُتب الكثير عن إتفاق الولايات المتحدة مع إيران بشأن مشروعها النووي وسوف يقال ويكتب أكثر بعد توقيع الاتفاق في الأيام والأسابيع القادمة، ومما قيل بعد الاتفاق أن إيران خسرت وقبلت بكل ما كانت ترفضه أثناء المحادثات وأسقطت كل خطوط خامنئي الحمراء للوصول لهذا الاتفاق، لكن في المقلب الآخر هناك من يرى أن الاتفاق النووي ليس غاية إيران للوصول إلى سلاح لن تستطيع استعماله، إنما المحادثات والاتفاق الذي أعقب المحادثات ماهو إلا وسيلة لانتزاع اعتراف الولايات المتحدة بمكاسب إيران في المنطقة وبالتالي تثبيت هذه المكاسب وتكريس إيران القوة الرئيسية المهيمنة في المنطقة، وفي نفس الوقت إعطاء الرئيس الأمريكي ما يعتبره هو اتفاقاً تاريخياً يُسجل له شخصياً وليس للولايات المتحدة، وهناك أيضاً الكثير من الآراء مع هذا التوجه أو ضده لا أستطيع الخوض فيها الآن لضيق المساحة.
لكن الذي فات الكثيرين هو أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات وليست دولة من العالم الثالث وبالتالي فإن هذه المؤسسات هي التي ترسم سياسات الولايات المتحدة لخمسين أو مئة سنة قادمة وليس الرئيس أياً كان هذا الرئيس جمهورياً أم ديموقراطياً.
ما أود الحديث عنه هو ما يخص منطقتنا العربية نتيجة لهذا الاتفاق. هل فعلاً وصلت إيران إلى ما تريد من تكريس هيمنتها على المنطقة العربية وتحديداً كل الأراضي العربية شرق البحر الأحمر باستثناء إسرائيل؟ أم أنها ابتلعت الطُعم ودخلت الفخ الذي أُعد لها بإحكام، وما هذه المكاسب التي تتوهمها إيران وأذناب إيران من الأقليات في المنطقة إلا مستنقع مميت تم إغراؤها بدخوله، بل والتواطؤ معها وذلك عن طريق منحها انتصارات سهلة حتى تتوغل أكثر في هذا المستنقع وبعدها يأتي دور استنزافها حتى الموت، وأعتقد أن هذا الاستنزاف قد بدأ فعلاً من خلال ما نراه الآن من انتصارات للمقاومين للمشروع الإيراني في سوريا واليمن.. إن الوضع السوري واليمني الحالي والعراقي واللبناني فيما بعد ينبئ عن شيء مثل هذا.
فإذا كانت الولايات المتحدة قد اُستنزفت في فيتنام وبعدها اُستنزف الاتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان وكلهم هُزموا وانسحبوا في النهاية من هذه المستنقعات فإيران بالتأكيد لن تكون في مستوى هذين العملاقين لا من حيث القوة العسكرية ولا من حيث القوة الاقتصادية، حيث إن إيران في نهاية الأمر دولة من دول العالم الثالث لديها من المشاكل الداخلية الاقتصادية والإثنية والدينية الشيء الكثير والذي قد يفجرها من داخلها وبالتالي فإن هزيمتها بعد إغراقها في هذه المستنقعات وكل مستنقع منها لا يقل خطورة عن المستنقع الفيتنامي أو الأفغاني ولن تنفعها كثيراً حينها (عندما تدق ساعة الحقيقة) حُجج وأوهام الإرهاب الداعشي وقبله القاعدي التي ساهمت هي تحديداً في بروزهمها وبالتالي استغلال هذا الإرهاب لخدمة أهدافها التوسعية الوهمية وسوف تحترق إيران وأذنابها من الأقليات في المنطقة في نار الحرائق الطائفية التي أشعلوها.
هذا ماقد تُثبته الأيام أو الشهور القادمة، لكن المؤلم في الموضوع أن الدماء والأرواح العربية ووحدة الأرض العربية هي ثمن ومسرح هذا المكر الأمريكي.. ونصيحتي لأذناب الفرس الذين استعجلوا رفع رايات النصر الفارسي أن يتمهلوا قليلاً فالمعركة الحقيقية بالكاد بدأت الآن.