سعد الدوسري
تسهرُ ليلةَ العيد تجمعُ أحباباً فارقوها،
تسترجعُ سنواتٍ قضتها معهم،
سنةً بعد سنة.
- يا لها من سنوات،
كم طالتْ بي، منذ فارقوني.
كم تركوا في ذاكرتي جروحاً أستعيدها كلَّ عيد.
فَقْدُهم هو جرح،
واجتماعُهم حولي هو فرح.
تسرّح الحناءَ على شعرها الذي لم يفقدْ وهجه.
تجمع خصلاتٍ منه بين كفيها، لتشمَّ عطره،
كأنها تشم مواعيدَ أخلفوها معها، فبدتْ وحيدةً، تستعد لأن يأتوا:
- عيدكِ مبارك.
تحدّق في ثوبها الذي تحرص أن يزدانَ بألوان الريف، وبلمعة الشمس، وبرائحة المطر.
هي هكذا تراه،
زمناً في مكان، أو مكاناً في زمن.
ترتديه لتقول للعيد، بأن الأبناءَ والأحفاد هم ثوبها المطرّز برائحة القرى، وهم ضفائرها المحناة بتلويحات من غادروها.
كلَّ عيد، تحضن الأحفاد بابتسامةٍ تشوبها دمعة، وتصافح الأبناء بدمعةٍ تتوجها فرحة.
كلَّ عيد، تغادر غرفتها فجراً، لكي تمنح الجميعَ شمسها الممطرة،
وفي الليل، وبعد أن يستلقي العيدُ متعباً على فراش اليوم الأول، تغلق الباب خلفها لكي تعايد الذين ظلوا في انتظارها طيلة اليوم.