فهد الحوشاني
انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي تصويرٌ لافت لأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة الرس، وهم يخالفون المعروف عنهم والمألوف منهم، حيث ظهر أفراد الهيئة في (هيئة) مختلفة! لم يعتدها الناس منهم! حيث خرجوا للشارع ليس لمراقبة الناس كما هي وظيفتهم المعتادة! بل للتهنئة بالعيد السعيد، يُوزعون الورود وليس الكتيبات الدعوية، فلكل مقام مقال!.. وهذا مقام الفرح وتبادل التهاني وليس النصح والإرشاد! الورد من معانيه الرقة واللطف والتعامل معه بهذا الشكل المباشر، وبهذا المعنى سينعكس مع المداومة عليه، على سلوك من جعل منه هديته ليفرح الناس ويفرح بهم ومعهم. هيئة الرس ضربوا مثالاً رائعاً لغيرهم في مفهوم جديد نحتاجه لدور الهيئة للتعاطي مع المواطن العادي، ولعل وجود الورد في حديقة الهيئة فأل خير، فمن يحمل الورد ويقدمه للناس فلا بد له أن يعتاد رسم الابتسامة على محياه، فلا يمكن أن تجتمع التكشيرة وإهداء الورد!!.. ومن يجعل الابتسامة شعاره في دعوته ووظيفته، فهو يتمثَّل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «تبسُّمك في وجه أخيك صدقة».. وكم من الصدقات فاتت على المكشّرين سواء بين زملاء العمل أو من إخواننا الموظفين، ممن يجعلوننا نعيد ابتساماتنا إلى قواعدها مكسورة الخاطر لأنها لم تجد وجهاً يبادلها الابتسام!!.. لقد انفصلت الهيئة عن المجتمع، بل واستعدت شريحة منه بجملة تصرفات خاطئة قام بها أعضاؤها على مدار الأعوام الماضية، ظاهرها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وباطنها الإساءة التي قد تكون غير مقصودة لذاتها، ولكن الجهل بطبائع الناس وبأصول هذه المهنة والحماس الزائد عند البعض يجعله يُسيء من حيث أراد الإصلاح!.. حيث لم يستوعب بعض المنتسبين إلى الهيئة بأن الزمن تغير، وأن هناك أساليب يجب اتباعها غير العصا الغليظة والوجوه المكفهرة عند أبواب الأسواق التجارية!.. أو الانقضاض على محل تجاري يبيع صاحبه ملابس لا يرضى عنها منسوبو الهيئة، فيصادرون البضاعة مما يجعل بعض البائعين يعمد إلى مخابئ سرية، لبيع بضاعة تسمح بها جهة حكومية (الجمارك) وتصادرها جهة حكومية أخرى (الهيئة)!! مثل تلك التصرفات وغيرها تُسيء إلى الأعمال الجليلة التي تقوم بها ضد المستهرين والمتحرشين والمبتزين، بل وأيضاً مروجي المخدرات.. لكن هيئة الرس خالفت السائد وتخلصت ولو مؤقتاً من شكل الوظيفة الصارم، وراح أعضاؤها يوزعون ويبتسمون ويهنئون النس في مشهد جميل لم نعتد عليه من السادة أعضاء الهيئة، وأتمنى من رئيس الهيئة تعميم مثل هذه المبادرات الاجتماعية وزيادتها، مما سوف يخفف مما يشبه (عسكرة) الهيئة، ليتحولوا إلى أشخاص يتعاملون بالرفق واللين حتى مع المخالفين والخاطئين وتطبيق القانون بحقهم دون المساس بكرامتهم.. شكراً هيئة الرس وننتظر من جميع أفراد الهيئة أن يكون أكثر قرباً وتفهماً للمجتمع، فليس هناك ملائكة على هذه الأرض، ولترق كلماتهم وليكونوا رحماء على المواطنين أشداء على المتحرشين والمفسدين، وليأمروا بالمعروف بالموعظة الحسنة وهذا أفضل السبل للنهي عن المنكر وتحجيمه.