محمد بن فهد العمران
في الآونة الأخيرة، وردت أنباء نشرتها صحيفة مال الإلكترونية لم يتم تأكيدها حتى الآن عن نية مؤسسة النقد العربي السعودي تأسيس صندوق جديد تحت إشرافها يهدف لضمان ودائع صغار عملاء البنوك التجارية العاملة في المملكة بمشاركة ومساهمة مباشرة من جميع هذه البنوك، وهي بالتأكيد خطوة مباركة تتماشى مع ما هو مطبق حالياً في كبرى الاقتصادات المتقدمة في العالم وتحديداً اقتصادات دول مجموعة العشرين، ولكن السؤال المهم هو: ماذا يعني تأسيس هذا الصندوق في المملكة؟ ولماذا الآن؟
بداية يجب أن نضع في الاعتبار أن مؤسسة النقد تتحاشى التأكيد بشكل مباشر أو غير مباشر على أنها تضمن ودائع عملاء البنوك التجارية في المملكة أو أنها تدعم البنوك في حال تعرضها لأزمات مالية، إلا أنه فعلياً سبق لمؤسسة النقد أن دعمت بعض البنوك التي تعرضت لأزمات مالية متنوعة بداية من دعم بنك الرياض في بداية الستينيات ثم مروراً بدعم بنك القاهرة السعودي في منتصف الثمانينيات ثم أخيراً بدعم البنك الأهلي التجاري في بداية التسعينيات، وهنا يجب ملاحظة أن مبادرات الدعم هذه حصلت عندما كانت الأرقام صغيرة، وهو وضع لن يستمر على المدى الطويل بأي حال من الأحوال !!
إلا أنه خلال العشرين عاماً الأخيرة، شهدت ودائع عملاء البنوك التجارية في المملكة نمواً بمعدلات أسرع من معدلات نمو الاقتصاد المحلي، حتى تجاوز إجمالي ودائع العملاء الآن ما يزيد عن 1,6 تريليون ريال، وهو بلا شك رقم ضخم جداً يفوق كثيراً حجم احتياطات الدولة من العملات الأجنبية، والأهم أنه يجعل من قدرة مؤسسة النقد مستقبلاً على التدخل عند حدوث أزمات مالية جديدة (لا قدر الله) مهمة شبه مستحيلة!! و لهذا كان من الحكمة أن يبدأ التفكير في تأسيس هذا الصندوق الآن لمواجهة أي ظروف غير متوقعة قد تحدث مستقبلاً والرسالة الأهم التي يجب أن نفهمها جيداً أن مؤسسة النقد لن تستمر دائماً في تقديم الدعم للبنوك و بالأسلوب القديم.
الملفت للانتباه أن الصندوق الجديد يقوم على فكرة تأمينية بحتة و هذا بدوره يجعلنا نضع علامة استفهام حول الطريقة التي سيتم بها «تأمين» ودائع البنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية على الأقل من المفهوم الشرعي، ويلفت الانتباه أيضاً أن البنوك هي من سيدفع رسوم التأمين وهذا بدوره سيجعل البنوك أمام خيارين: إما القبول بارتفاع التكاليف التشغيلية بشكل طفيف أو تعويض ذلك من خلال زيادة طفيفة في هوامش الربح التي تتقاضها من عملائها. أما صغار المودعين فمن المتوقع أن يقوموا بفتح حسابات متعددة لدى البنوك و توزيع ودائعهم على هذه الحسابات لتحقيق أكبر منفعة قصوى، وهذا حق من حقوقهم وإن تسبب هذا أيضاً بشكل غير مباشر في ارتفاع التكاليف التشغيلية على البنوك.