منال عبد الكريم الرويشد
في البدء.. أنثر عطر تحيتي للقراء الأعزاء.. وبالأمل والعطاء الأجمل والأمنيات السعيدة بعد عيد الفطر المبارك لعام 1436هـ تحط زاويتي في الصفحة التشكيلية بجريدة الجزيرة، ويسعدني أن أكون معكم قلباً وقالباً بنبض متجدد حول ثقافة التشكيل السعودي.
اللوحة التشكيلية هي المساحة التي يعبّر من خلالها المبدع عن مشاعره وأحاسيسه وأفكاره ورؤاه، وهي النص البصري الذي يقرأ بكل لغات العالم, وهي وسيلة الجمال التي تصل للأرواح، وتتناغم مع القلوب؛ فاللوحة سفيرة عن المجتمعات والحضارات، وتتناقل الثقافات من خلالها, وعندما نقف أمام مكتبة ما ونطلع على الكتب تشدنا أغلفتها، ونتأمل وظيفة الصور التي تصمم عليها، ونرى بكثرة انتشار اللوحة التشكيلية على واجهة الأغلفة مستخدمة بشكلها الكامل أو جزء منها. وتدفعنا جماليات اللوحة لالتقاط الكتب، وأحياناً لشرائها، لنجاح وظيفة الغلاف كإعلان عما بداخل الكتاب. وتعد اللوحة التشكيلية مفردة تصميمية مهمة في تصميم غلاف الكتاب؛ فهي تعبّر عن مضمونه بالتوافق مع دور العنوان كلغة بصرية لها مضامين فكرية وفلسفية، وهي من المكونات الأساسية التي تترجم فكرة التصميم للغلاف، ويتم من خلالها العملية التصميمية بوحدات بنائية وأسس إنشائية. وإذا كانت الصورة بألف كلمة فإن صورة اللوحة التشكيلية لها مدلولاتها وطاقاتها التعبيرية التي تقوم بدورها الإيجابي أو السلبي في التصميم. وتأتي أهمية اللوحة من خلال دور كل من (المؤلف والمصمم والناشر) في اختيار صورة اللوحة المناسبة لمضمون الكتاب. بيد أن اختيار اللوحة يتفاوت من مصمم لآخر، ومن مؤلف لآخر، ومن ناشر لآخر. وقد يكون للتفضيلات اللونية دور، وكذلك توافقها مع ميول المصمم أو المؤلف أو الناشر أو أحدهما، بما يُحدث أثراً على المتلقي والمتذوق والمقتني للكتب. وقد ينظم تصميم الغلاف بعناية في اختيار الوحدات وتكوينها داخل الصور للوحات، وربطها بما يحقق فعلياً صلتها بمضمون الكتاب، ويجعل له رواجاً مختلفاً. كما أن هناك من يعنى باختيار صور اللوحات لأهمية اسم الفنان مبدع اللوحة، ولأنه سيساهم بنشر الكتاب وتسويقه، إما لشعبيته أو لشهرته وقبول الناس لجماليات أعماله. وهناك بعض الكتب استُخدم في تصميم أغلفتها صور لوحات تشكيلية بدون الرجوع للفنان التشكيلي صاحبها، أو حتى توثيق اسمه كصاحب للوحة، ضمن التوثيق في بطن الغلاف، أو الغلاف الداخلي؛ لذا من المهم الاعتناء بالحقوق الفكرية لصاحب اللوحة، وإدراج بنود توثيق لمصمم الغلاف ولصاحب الصورة ولصاحب الخط العربي للكتابة ضمن توثيق الكتاب.. فانتشار اللوحات على أغلفة الكتب ظاهرة صحية؛ لأن الكتاب سفير فكر وثقافة، وينتقل عبر الأجيال والحضارات. وارتباط هذا بإبداع لوحة علىلغلاف يحقق نمواً جميلاً في العلاقة بين التشكيل والثقافة والفكر حرفاً ولوناً وشكلاً، مع ضرورة مراعاة حقوق المؤلف.
ودمتم بجمال.