فهد الحوشاني
لأول مرة في تاريخها تندد أمريكا بجريمة إسرائيلية!! ولأول مرة ينطق مسؤول أمريكي بكلمة إرهاب عند وصفه لما تعرض له الفلسطينيون، لم أصدق أذني فأعدت سماع الخبر من جديد!! تساءلت: هل من يتحدث هو مسؤل امريكي؟ وهل تلك اللوحة خلفه هي شعار البيت الأبيض؟!
نعم إنه هو الناطق باسم البيت الأبيض يتحدث لوسائل الإعلام واصفاً ولأول مرة جريمة إسرائيلية بأنها عمل إرهابي، بل وإرهابي شنيع!
قال صاحبي لا تصدق مثل هذا الكلام إنه مجرد جبر خواطر وتهدئة للغضب الفلسطيني والعربي!! قلت ولماذا لم يحدث جبر الخواطر فيما سبق من جرائم اسرائيل الفظيعة تجاه الفلسطينيين!! ثم قلت دعنا نتفق على ان ما نسمعه تهدئة للنفوس الغاضبة و جبر للخواطر أو حتى الظهور بمظهر المتعاطف! لكنه على أية حال تحول غير مسبوق في نوعية الخطاب الصادر من البيت الابيض، انه خطاب (أبيض) بل وناصع البياض هذه المرة وعلى غير العادة! مثل هذا التوصيف والتصنيف المنصف كنا نريد سماعه منذ عشرات السنين.. لذلك فإن هذا التحول الكبير يجب الاحتفاء به! كل جرائم اسرائيل السابقة لم تجرؤ أمريكا على وصفها بالإرهاب! كانت في كل مرة تبرر سلوك إسرائيل الإجرامي!! إنه أمر لايصدق!! الامريكان يصفون اسرائيليين بالارهابيين!! هل يعقل هذا الأمر؟!!
تعودنا وتوقعنا منها دائما أن تبرر لإسرائيل جرائمها وتستخدم الفيتو لصالحها.. لكن مع هذه الجريمة التي ارتكبت بحق الطفل الدوابشه وأهله يبدو أن الامريكان (نفذت) من جعبتهم خزينة التبرير! حيث استنفدوا كل الرصيد المسموح به! فلم يبرروا في هذا المرة! و ليس لأنه عمل لا يمكن تبريره فكل أعمال إسرائيل الإجرامية السابقة لم يكن تبريرها منطقيا! لكنهم يريدون تنبيه السلطة الاسرائيلية إلى تنامي خطر المستوطنين المتطرفين والذين حرقوا (كنيسة) قبل فترة وأن اعمالهم تحرج أمريكا وتشوه سمعة اسرائيل والتي هي في الاصل مشوهة دوليا!!
مع هذه الجريمة الشنيعة ليس هناك مجال لاستخدام تلك الجملة التي فقدت معناها وتعودنا عليها من البيت الابيض وهي جملة أن لاسرائيل حق (الدفاع عن النفس) كما حصل في تدمير غزة وضربها بالصواريخ والطائرات.. وأسر آلاف الفلسطينين.
والإرهاب الإسرائيلي قديم يتجدد... لكن هذا التوصيف الأمريكي هو سابقة ولعله يعبر عن تغير في الموقف الرسمي تجاه الجرائم التي يرتكبها المستوطنون وتسبب حرجا لكفيل وضامن اسرائيل في المنطقة..
الساسة الامريكان محرجون من تجميل الوجه القبيح لإسرائيل في المحافل الدولية وأمام شعبهم خاصة مع توفر وسائل التواصل الاجتماعي والتي أصبحت وسيلة ضغط على صانع القرار، كما في حوادث سابقة حتى في الداخل الأمريكي!
المطلوب من أمريكا ليس أمرا مستحيلا، وطموحات العرب قابلة للتنفيذ وهي أن تكون أكثر إنصافا وتكف عن مناصرة إسرائيل في كل ما تفعل تجاه العرب وتجاه المسجد الاقصى، وفي محكمة الجنايات الدولية في القضايا التي تقام ضدها، والأمل كبير في التغير الذي بدأت ملامحه قبل أيام، لأن امريكا بشعبها المسالم وقوتها العظيمة يؤمل منها ان تحارب الارهاب وهذا ما تعلنه، ولكنها في نفس الوقت تتناقض فتؤيد إرهاب الدولة وارهاب المستوطنين وهذا ما تعلنه أيضا او تتغاضى عنه في الأحداث السابقة! ولو استمرت امريكا على هذا النهج القويم في التعامل المتكافئ فستصبح دون شك بلد الحرية والديموقراطية ونصرة حقوق الانسان ليس لشعبها فقط ولكن لكل الشعوب المظلومة والمسلوبة الحقوق في هذا العالم.