رقية الهويريني
لعلنا نتفق على أن العمالة الوافدة تشكِّل خطراً كبيراً يهدّد بلدنا من نواح عدة «أمنية وثقافية اقتصادية واجتماعية»، فمن حيث البعد الأمني قد يزداد تكتل الجاليات ويكون لها منظمات خاصة بها لتسهيل دخول الأفراد بطريقة غير شرعية، وتهريب السلاح والمخدرات ومدى سلبية ذلك على المجتمع والأمن الوطني. ناهيك عن أن الغالبية العظمى - من دولٍ معروفةٍ بعينها - تبدع في ابتكار الجريمة، وتشهد القوات الأمنية بذلك. أما من حيث البعد الثقافي؛ فإن وجود العمالة الوافدة الأجنبية وما تجلبه من ثقافاتها الخاصة واختلاطها بالأسر يجعل النشء يقلّد أو يتبنى بعض تلك العادات والأخلاق التي تختلف عن ثقافتنا، وخصوصاً مع العمالة البسيطة غير المتعلّمة التي تدخل المنازل.
ولا شك أن للعمالة الأجنبية تأثيراً اقتصادياً سلبياً ملموساً في بلدنا لدرجة أن المواطن لا يستطيع المنافسة في السوق التجارية، عدا عن شعوره بالغربة في موطنه وافتقاده الأمن النفسي. بالإضافة لاستنزاف الوافدين الموارد الاقتصادية للوطن نظير الأجور التي يحصلون عليها، والخدمات والسلع المدعومة من الحكومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بدون خصومات وضريبة! مثل الرعاية الصحية والتعليمية والمواصلات والبنزين والكهرباء والماء والمواد الغذائية وغير ذلك، بالإضافة لاستهلاكه البنية التحتية. كما أن التحويلات المالية الخارجية الخالية من الضريبة تصل إلى مبالغ كبيرة لا تدخل في التدوير الاقتصادي.
ولو تأملنا بمزيد من القلق؛ لوجدنا أن كثيراً من العمالة الأجنبية في بلادنا لا تعمل في مهن تحتاج لخبرات نادرة، بل إن بعضهم صار يمتهن بيع الماء البارد عند الإشارات المرورية والمساويك عند المساجد، والتسوّل وتشويه الوجه الحضاري للبلد! وتجاوز الأمر ذلك، حيث تجوب العمالة الرديئة البلاد وتسكن الأطراف ووصلوا إلى أقصى القرى والأرياف، وهو تغلغل خطير من شأنه ضرب النسيج الوطني الاجتماعي، وبالتالي صعوبة التوازن السكاني مما يتطلب التوقف ومراجعة الأمر حتى لا نصل إلى المرحلة التي لا نستطيع التحكم بها.
ولعلي أجزم بأن العمالة الوافدة باتت تشكِّل هماً للجهازين التشريعي والتنفيذي بالدولة ولكن دون تحرك إيجابي يذكر. وعليه؛ لا بد من التروّي في الاستقدام وبحث أولويات الاحتياجات الحقيقية من العمال الأجانب، ووقف منح التأشيرات للشركات والمؤسسات إلا بحسب الحاجة الفعلية، وإخضاع الوظائف جميعها لفحص دقيق، وضبط تحركاتها، وملاحقة العمالة الهاربة وتحميل سفارات بلادها مسؤولية الهروب والتخفي.