د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
أكد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بأن موقفي روسيا والسعودية متطابقان، فيما يتعلق بأسعار النفط المستقبلية وعدم الرغبة في تخفيض الإنتاج المصطنع، ذلك أن السوق وحدها قادرة على ضبط الإنتاج، كما أكد الوزير إلى أن توقعات البلدين حول أسعار النفط تتطابق أيضاً.
بكل صراحة أعلن الوزير الروسي أن الأسعار تعتمد غالباً على تكلفة إنتاج النفط الصخري حالياً، مشيراً إلى أن أسعار النفط ستشكّل انطلاقاً من تكلفة ومستوى إنتاج النفط الصخري، وهو ما يؤكد أن السعودية أكدت نفس النظرة، عندها اتهمت بأنها تسعى لخدمة الاقتصاد العالمي بعد تنسيق مواقفها مع دول العشرين.
وفي تقرير صادر عن منظمة أوبك يؤكد أيضاً وجهة نظر السعودية، بأن إنتاج المستقلين وراء عدم استعادة النفط مستوياته المرتفعة، فإنتاج المنظمة الثابت عند 30 مليون برميل يومياً، فيما بلغ إنتاج أوبك في شهر يونيو 2015 31.7 مليون برميل يومياً، (بلغت إمدادات النفط السعودي مستوى قياسياً 10.35 مليون برميل يومياً في الشهر ذاته، وبلغ الإنتاج العراقي مستوى قياسياً آخر عند 4.12 مليون برميل)، وأن الإنتاج من خارج أوبك الذي يصل إلى 55.95 مليون برميل يومياً، وهو المسؤول عن عدم استعادة مستويات مرتفعة من الأسعار.
ترى السعودية أن حل مشكلات سوق النفط بشكل فردي من دولة مهما عظم تأثيرها وتضخم إنتاجها غير ممكن، لأن عالم اليوم قائم على التعددية، والعمل الجماعي، خصوصاً في مواجهة الأزمات، مثل الأزمة الحالية التي أدت إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط، لذلك ترى السعودية إلى أهمية العمل في إطار دولي موحد ومنسق ومتنام، من أجل إيجاد السبل الفعّالة والقوية لمواجهة التحديات الراهنة والتغلب عليها.
حدة المنافسة على الحصص السوقية ستتراجع أمام التوصل إلى برامج تعاون بين كبار المنتجين داخل أوبك وخارجها، وأن الانخفاضات الحادة في أسعار النفط لن تستمر، وستؤدي حتماً إلى خروج جديد لمنتجي النفط الصخري الأمريكي بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وصعوبة المواءمة الاقتصادية، مما سيؤدي إلى تقلص المعروض خصوصاً من جانب الإنتاج الأمريكي.
ما زال الإنتاج الصخري الأمريكي حتى الآن مرتفعاً على الرغم من تراجع الأسعار، بسبب التحسن النسبي في الأسعار، ما جعل المنصات تعاود الزيادة، الذي سجل الإنتاج مستوى قياسياً جديداً عند 9.62 مليون برميل يوميا في شهر يونيو 2015.
والجميع يتنافس الآن لتخفيض تكاليف الإنتاج والتغلب على عقبات السوق، لكن يظل نفط الشرق الأوسط يتمتع بمزايا نسبية، وهو أرخص بشكل كبير في تكاليف الإنتاج.
وتنظر شركات النفط إلى زيادة الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، لأنها تعتبر الاستقرار أهم بكثير من انخفاض الأسعار، رغم تأثير الأخير في الاستثمارات، ولكن التواؤم معه بتبني سياسات جديدة أكثر تقشفاً، وبالفعل أجّلت شركات النفط إنفاق رأسمالي حجمه نحو 200 مليار دولار على مشاريع النفط والغاز.
وجاءت تخمة المعروض العالمية نتيجة ارتفاع كبير في إمدادات النفط الأمريكية، بدعم من ثورة الإنتاج الصخري، وقرار أوبك عدم خفض الإنتاج، إذ آثرت المنظمة حماية حصتها في السوق في مواجهة منافسيها.
المعروض سيسير بوتيرة أبطأ في عام 2016 عما كان عليه في عام 2014 بسبب أن إمدادات المعروض تأتي من الاحتياطيات الجديدة في المياه العميقة، وليس من إمدادات الخام من الحقول البرية.
وبحسب وكالة الطاقة، فإن المعروض من خارج أوبك يتجه إلى التباطؤ على ما يبدو، لينمو بواقع مليون برميل يومياً عام 2015، ويبقى مستقراً في عام 2016 بعد ارتفاعه 2.4 مليون برميل يومياً في عام 2014.
لكن نمو الطلب العالمي على النفط كما تذكر وكالة الطاقة، بأنه بلغ ذروته على ما يبدو في الربع الأول من عام 2015 عند 1.8 مليون برميل يومياً، وسيواصل التراجع بقية العام، ولفترة في العام المقبل، خصوصاً بعد مخاوف ضعف أداء الاقتصاد الصيني، وبسبب احتمال زيادة المعروض من إيران، بعد توقيع الاتفاقية النووية، ورفع العقوبات عن إيران، إذا ما التزمت ببنود الاتفاقية.
ما زالت الصورة أكثر قتامة، وترى شركة بريتش بتروليوم أن الأسعار ستظل ضعيفة في الأمدين القصير والمتوسط.