لبنى الخميس
البشر مثل الشجر، تتساقط أوراقهم في مواسم مختلفة، ويعتري أطرافهم الجفاف واليباس.. إذا لم يرووا جذورهم الضاربة في الأعماق بماء التغيير ومطر التطوير، لذا نحن بحاجة مستمرة لتجديد دورتنا المعرفية، وإثراء خزينتنا الفكرية، طمعاً في حياة أكثر بهجة وإيجابية، وأقل مللاً وتقليدية. أضع اليوم بين يديك ثلاث وصايا، بعضها مقتبس من واقع تجربتي المتواضعة والبسيطة في الحياة، والبعض الآخر هو حصيلة إلهام لشخصيات لها باع طويل ومسيرة زاخرة بالنجاح.
1 - اعمل بقاعدة (25-5) لوارن بافيت
لابد أنك سمعت باسم وارن بافيت، أهم مستثمر في القرن العشرين، وثالث أغنى رجل في العالم بثروة تقدر بـ65 بليون دولار حسب قائمة فوربس لأثرياء العالم لعام 2014 ، السيد بافيت لم يولد وفي فمه ملعقة من فضة، بل كانت حياته مزيجاً من العصامية والمثابرة، ما يجعل النصيحة من شخص ناجح ولامع مثله عملة نادرة.
إحدى أشهر قواعد بافيت هو قانون 25-5 وهو تمرين بسيط يؤهلك للتعرف على أولوياتك، والتركيز على تطوير مهاراتك، ومكامن شغفك.
تتكون القاعدة من ثلاث خطوات أولها: هي أن تدوّن 25 شيئاً تؤمن بأنه قد يجعلك تحترف في مجالك، وتتميز في ميدان اهتمامك. فإذا كنت تطمح في أن تكون كاتباً متميزاً، ستدوّن أموراً مثل: الحرص على القراءة، ممارسة الكتابة، الجلوس مع كتّاب ذوي خبرة، إثراء الخزينة اللغوية والمعرفية، تبني أسلوب كتابي خاص، وغيرها.. حتى تصل إلى تدوين 25 خطوة قد تقربك من هدفك. ثم تلي ذلك باختيار أهم خمسة ذكرت في القائمة بدقة وعناية، وتتجاهل العشرين الباقية. ثم تختتم التمرين بالحرص على تأكيد المواظبة والممارسة اليومية في القيام بأهم خمس خطوات اخترتها، على قاعدة الأهم فالأقل أهمية. هذه الخطوات ستساعدك على اكتشاف ما هو ضروري في حياتك تجنباً لتضييع الوقت وتشتيت الانتباه.
وأجمل ما في النصيحة أنها لا تأتي من شخص متعثر ومغمور بل من رجل ناجح وذي خبرة ثمينة، يقدر سعر وجبة الغداء معه بمليون دولار أمريكي.. ما يعني أن كلامه درر ونصائحه من ذهب!
2 - إذا لم يتحدث الناس عنك.. فاعلم بأنّ هناك مشكلة!
تعلمنا في ثقافتنا العربية أن نتوارى عن الأنظار، ونخبئ نجاحاتنا خوفاً من أعين الناس، وأحاديثهم الممزوجة بالغيرة والحسد، لكن لم نتعلم أن الشخص الذي لا يتحدث الناس عنه، ولا يملك في رصيده أي إنجاز مهني أو نجاح شخصي هو في الحقيقة خطر حقيقي على المجتمع.. لأنه ليس بالشخص المهم أو المؤثر.. وبالتالي لن تجد الناس تتحدث عنه أو تلاحق أخباره.
يقول الشاعر العربي:
محسودون وشر الناس منزلة
من عاش في الناس غير محسود
لا تخضع لبرمجات اجتماعية عفى عليها الزمن.. وتحرص على أن لا تصاب بالعين أكثر من حرصك على تقديم عمل ناجح تستحق فعلاً تحسد عليه!.. فالله سبحانه وتعالى استخلفنا على هذه الأرض ليقدم كل شخص منا دوراً في إعمار الأرض وجعلها مكاناً أفضل.. فلنعد برمجة أنفسنا نحو حياة أكثر إيجابية وحسن ظن بالله.. ونحصن أنفسنا ونمضي بثقة ويقين لصنع إنجاز.. وتحقيق أمنية.. وإلهام شخص لحياة أفضل.. وما أجمل أن نؤمن بفعالية المعوذات .. أكثر مما نؤمن بفعالية العين!
3: كن سيداً لآرائك.. لا عبداً لها!
هل تتذكرون تلك الآراء التي كنا نؤمن بها حول الحياة والناس.. ووجهات النظر التي كنتم موقنين أنها الحقيقة المطلقة؟؟
في جعبة معظم البشر آراء اعتقدوا أنها منزهة عن كل عيب ونقص، وبعد مرور الوقت، شعروا بأنها تكبلهم وتستعبدهم، وتمنعهم من التحليق في فضاءات الحوار والنقاش.. وما يؤلم فعلاً هو أن بعض تلك الآراء التي تدافع وتنافح عنها، ليست من خلاصة أفكارك أو تجاربك الخاصة.. التي أمضيت سنوات من حياتك في سبيل التأكد من صحة غايتها وسلامة معانيها، بل هي في الحقيقة مجرد آراء اكتسبتها مع مرور الوقت في صخب المجالس.. أو تم تلقينك إياها في سنوات مبكرة من عمرك.
جرب أن تتخلص من عبودية تلك الآراء لك لتستشعر بلذة الحرية، وتذكر بأنّ تغيير آراءك أحياناً شجاعة، بل ودليل واضح بأنك في حالة حراك فكري مستمر.