رمضان جريدي العنزي
«الهياط» الاجتماعي، كالأكسجين الملوث، والدم الملوث، والفيروسات المميتة، وثاني أكسيد الكربون، ليس له أهمية حيوية، ولا يفيد الحياة، ويسهم في عمليات التآكل والنكوص والاحتراق، للهياط تغيرات فيزيائية وكيميائية ومناخية وتضاريس وعرة، يلوث الحياة بطرق مباشرة وغير مباشرة، ويؤثر سلباً على الحياة الاجتماعية، للهياط مواد عالقة، وملوحة حارقة، ويأخذ أشكالاً مختلفة، ويحدث تداعيات متنوعة، ومفاهيم ضارة، وله خلل فادح في النظام الاجتماعي، والطرح والشرح والتنظير، ويقلل القدرة على المنح والعطاء، والأدوار الطبيعية للأفراد، ويفقدهم الكثير من القيم، مما يجعلهم غير قادرين على معالجة الأمور وفق نسق انسيابي مرن وسليم، الهياط صفة كلامية تسبب التعكير، وتكسب الحياة رائحة ولوناً وطعماً مغايراً، مما يجعله مصدراً للضبابية والعتمة والضرر، للهياط مفردات وجمل وتشكيلات غير طبيعية، تكون أقرب حالة للبكتيريا أو الطحالب أو الطفيليات، مما يجعل صاحبه منبوذاً وغير مقبول، وإن تكابر أو تعالى أو وضع في كلتا أذنيه عجينة وطين.
ويظل الهياط مصدراً أولياً للإزعاج، ومسبباً رئيسياً للأمراض والأوبئة الاجتماعية، وذلك من خلال استنزافه كميات كبيرة من الكلام الرخيص نتيجة خلطه بعبارات ومفردات غير مفيدة وغير صحية، مما يؤدي إلى تناقص أعداد خلايا الكلام الهام والجوهري والثمين، وخلوه من مظاهر الإبداع بسبب تركيز مفردات التلوث الشامل في ثنايا جمله الإنشائية.
إن قلة الضوء الذي يخترق المياه يحدث ضرراً في الأحياء النباتية المفيدة، ويساعد على ازدهار الطحالب والعوالق، والماء الذي يفقد خواصه الطبيعية يجعله غير مستساغ للاستعمال الآدمي، ويؤدي لاكتسابه الرائحة الكريهة وتغير لونه ومذاقه، وأيضاً التلوث النفطي والبيئي وطبقات الجو العليا، وكذلك تلوث النبت بالمخصبات الزراعية، سواء كانت آزوتية أو فوسفاتية أو بوتاسية، تعتبر كلها كوارث طبيعية تعكر نمط الحياة ورتمها ومزاجها، كذلك هو الهياط، الذي هو بالأصل ليس حقلاً يانعاً، ولا توالد سنبلة، ولا سريالية لوحة، ولا حدائق غناء، ولا أقحوانة، ولا لون بنفسج، أو طعم فستقة، بل هو فلسفة غير نزيهة، وحكمة غير بالغة، وبعد نظر شحيح وقصير، وتشكيل كلامي باهت، وتجاوز مستويات الكلام المعقول، وصاحبه يملك القصور المركب بكل أشكاله وتنوعاته.
والهياط المفرط يؤدي إلى الإرهاق والتوتر والقلق والاضطراب، فيزيد نسبة الضغط، ويوسع بؤبؤ العين، ويجعل عمل الغدد الصماء مضطربة، ويتلف قدرة السمع، ويحدث الألم والسقم والاحتقان.
باختصار شديد: ليس الهياط مدرسة ولا المهايطون جهابذة.