د. خيرية السقاف
لا ينبغي أن يندهش أحد من أمر «السافرات المتبرجات» الحاضرات مناسبة لكرة القدم خارج الوطن على سبيل آخر الأمثلة، فهذا السلوك غير جديد، تراهن منذ زمن بعيد ما أن تقلع الطائرة نحو جهة بعيدة وفيها نساء مرتديات السواد لا يرى منهن طرف، وعندما تلتفت من حولك بعد أن توغل في السماء ترى منهن من خلعن عباءاتهن ، وأطلقن العقال عن شعورهن، وتلبسن شخصيات غير التي صعدت معك الطائرة، ومن ثم في رحلة العودة، يعدن لتلك الشخصيات قبل هبوط الطائرة بهن بدقائق لتختفي كل منهن في عباءتها من جديد.. مع أنهن فاضلات لا يلحق بهن شك في أمر.
منذ ذاك، وهناك من الدلائل لازدواجية السلوك، وحقيقة القناعات الكثير، الكثير اللافت..!
ليس ما أريد بهذا يتعلق تحديداً بهؤلاء النماذج من النساء، وإنما هو مثال على العديد من الظواهر التي تؤكد هشاشة ما زُرع في التنشئة، ولم يكن قوياً صلباً ليصد عن النكوص، والقض، نقيس عليه ما طرأ في سلوك المنحرفين، وخفافيش الظلام، ومتبني الفكر الخاطئ، ومروّجي المخدرات، وكذلك العاقين، والطفيليين، ومثيري النعرات، والمتنابزين بالألقاب، والنائمين عن الصلوات، والهاجرين الفضائل، والمتحللين من قيم الخير، والجشعين، وغير المتكافلين، والسراق، والمستهترين بالأعراض، والمفسدين في البلاد، ونحو العباد، وفيهم مؤخراً كل الذين انقادوا للمضللين، وأولئك الناشرين المبالغين الخائضين في نقل الأخبار ، السائرين في ركبها بلا تدبُّر، ولا خلق..
هذا هو الحصاد، الحصاد المعني به صاحبه ،
كيف يراه فيما ترون من نهج السلوك وإن خصَّ، مع أنه في انتشار مع كل موجة تقتلع، وريح تكسر،..؟!
وسواء قيل هي «حرية فردية» في شأن، فإنّ من يقول هذا يُرد لقائله بشرائع السماء عن عصبة الأخلاق التي أوصت بها هذه الشرائع على لسان ذي الخلق العظيم صلى الله عليه وعلى آله، وخلفائه وسلم.
وإن قيل هو سلوك فردي في آخر، فإنه سيرد لمن يقوله بنصها هذه الشرائع التي على المحجة البيضاء ، «كلكم راع»، و»يولد المرء على الفطرة فأبواه ....»، مع حفظ حقيقة ضعف الإنسان في لحظات واردة، غير أنّ قوة البناء، وأساسه إن كانا متينين على وعي، قد مُكِّنا في المرء، فإنهما في حالة الضعف يعيدانه للصواب، ويكونان وِجاءً له، وراداً به للسواء.
إنّ ما طفح، ويطفح الآن على السطح، وما تمر به أحوال الناس في سلوكها بشكل عام، يسترعي النظر للذي مضى من لحظات الغفلة، وميوعة التأسيس، ووهن القدرة عند الغرس، واضطراب المفاهيم بين ما هو صواب في معيار كل ذي قيمة، وخلطه مع ادعاءات تختلف تماماً عن هذه القيم.
هذا هو الحصاد، المبتلى بأفراده المجتمع...!!
أفلا يجلد نفسه كل مفرط غافل، أو يلومها كل من جهل، ولم يع..؟!