د. أحمد الفراج
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو «مثيراً للاشمئزاز»، لمجموعة من عملاء حلف الناتو الليبيين، وعلى الأرجح أنهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الليبي، ومن بقايا فلول تنظيم القاعدة، ويبدو المشهد «مقززاً»، إذ يتفنن هؤلاء العملاء في تعذيب الساعدي القذافي، نجل معمر القذافي، نفسياً وبدنياً، إذ يشمل المشهد تعذيب سجين آخر، بينما الساعدي يستمع، وهو معصوب العينين، للضرب، والإساءات اللفظية، وصراخ السجين، ثم تشرع الحثالة في استجواب الساعدي، ومن يشاهد هذا الفيديو فهو يشاهد جزءاً من مخرجات « التثوير» العربي، ويتيقن من الخديعة الكبرى، التي تساوق معها الجميع، قبل أن يتبين أنّ الأمر لم يَعْدُ أكثر من استغلال إحباط الشعوب العربية، لإعادة صياغة هذا العالم المنكوب، وتمكين التنظيم الدولي للإخوان من تسلم السلطة فيه.
المثير للسخرية هو أنّ السلطات الليبية شجبت الحادثة !!، ولم تقصر هيئات حقوق الإنسان العالمية في الاستنكار!!، فهذه الهيئات لا تعلم عن ممارسات عصابات تنظيمات الإسلام السياسي، في بلدان التثوير العربي، وعندما شاهد القائمون عليها هذا الفيديو، انجرحت مشاعرهم الرقيقة، وشجبوا هذا الفعل الشنيع !!، ولو لم يكن من تسريب هذا الفيديو إلا فضح سلوكيات أعضاء تنظيمات الإسلام السياسي، التي استغلت الدين لمصالحها، لكفى، ويتساءل الإنسان عن ماهية «التعذيب» الذي يلاقيه أبناء القذافي، والمحسوبون عليه في السجون المظلمة لعصابات الإسلام السياسي، فإذا كانت هذه العصابات تتعامل مع الساعدي القذافي بهذه الطريقة في فيديو مصور، معد للتسريب، فللمرء أن يتخيل ما يلاقيه في سجنه، في ظل غياب الكاميرا، والشهود، وللعلم، فهذه السلوكيات الشاذة، والتفنن في التعذيب، الذي يمارسه عملاء الناتو الآن، كان هو الذريعة الكبرى للثورة على نظام القذافي، والذي اشتهر بقسوة ممارسات سجانيه، فيا للفارق بين سلوكيات « ثوار الحرية والعدالة « وسلوكيات النظام الديكتاتوري الذي ثاروا عليه!!.
وسواء كان التثوير العربي مخططاً، أو تم حرف مساره، فإنّ المؤكد أنه فضح تنظيمات الإسلام السياسي، في بلاد الثورات وخارجها، خصوصاً في دول الخليج، ولا أظن أن حزباً أو تنظيماً يتمتع بغباء سياسي أكثر من تنظيمات الإسلام المسيس، ولن يكون فيديو الساعدي القذافي هو الأخير، فقراءتهم للأحداث، وحساباتهم دائماً مغلوطة، ويمارسون الأفعال الخاطئة، في الأوقات الخاطئة، وهم على استعداد للتحالف مع الشيطان، من أجل الوصول إلى أهدافهم، فمثلما ارتمى القاعدي الليبي عبد الحكيم بلحاج، وزمرته في أحضان نيكولاي ساركوزي، نجد أنّ زعماء المقطم، محمد بديع وخيرت الشاطر، سبقوهم إلى الارتماء في حضن الإمبراطورية الأمريكية، مع أنّ هؤلاء «المتأسلمين» كانوا يعيرون الحكام العرب بالعمالة للغرب، وهذا يستحق مقالاً مستقلاً !.