جاسر عبدالعزيز الجاسر
أكَّدت الشرائع السماوية على وجوب تطبيق العدالة حتى تنعم البشرية بالأمن والسلامة والحياة الكريمة، والشريعة الإسلامية جعلت العدل من أهم الأسس والضوابط التي تلزم الإنسان المسلم باتباعها حتى إنها قدمت الحقوق على الكثير من الاهتمامات، بل إن الإسلام يعد العدل أساس الحكم، والحاكم العادل مطلب إسلامي مثلما ما هو مطلب إنساني تسعى إليه جميع الأمم والشعوب، وهكذا نجد أن الأمم التي توفّق بحاكم عادل تكون الأكثر تقدّماً وتحقق إنجازات في مجالات التنمية والتطور أكثر بكثير من تلك التي يبتليها الله بحاكم ظالم جائر لا يوقف النماء فحسب، بل يدمر ما كان موجوداً ويهدم كثيراً من البنى الأساسية للدولة، وهو ما نراه يتجسَّد في الدول التي تتعرَّض لظلم الحكام الجائرين، كما نراه ونتابعه في الدول المجاورة وبالذات في سوريا التي تشهد يومياً الكثير من الأعمال الجائرة والجرائم التي تطول الإنسان والأرض، والحجر والشجر، ومنذ وصول الأسد إلى سدة الحكم في سوريا شهدت تلك البلاد العديد من المآسي والجرائم ضد المواطنين تمثّلت في ارتكاب مجازر ضد الإنسانية، وقد هال العاملين والمهتمين بالشؤون الإنسانية الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها نظام الأسد الابن مواصلاً نهج أبيه، والتي كان آخرها تنفيذ ضربات جوية بطائرات حربية استهدفت الأحد الماضي مدينة دوما المحاصرة والمحاذية للعاصمة دمشق، وقد تسببت الضربات الجوية الموجهة للمدنيين في مقتل مئة مواطن وإصابة 250 ، جراح بعضهم حرجة مما سيرفع حصيلة القتلى.
الغارات الجوية التي لم تكن المرة الأولى التي تتعرض لها مدينة دوما استهدفت هذه المرة سوقاً شعبية، ويعد الاعتداء الأكثر عنفاً منذ اندلاع الثورة السورية منتصف عام 2011م.
جريمة استهداف دوما والانتقام من أهلها ومن أبناء الغوطة بشرقها وغربها مخطط له؛ كون أهل الغوطة وريف دمشق يعد معقلاً للثورة السورية، ونظام بشار الأسد استعمل ضد هذا المخزون البشري المنتج الذي يزوّد العاصمة دمشق بالمنتوجات الزراعية والغذائية أشد أنواع البطش والقتل، إذ انتهج نظام بشار الأسد أبشع عمليات القتل من السماء من خلال رمي البراميل المتفجِّرة التي تملأ بالمتفجِّرات والمسامير وقطع الحديد وتمزج بالبنزين والديزل، وتلقى هذه القنبلة التي تنتج طاقة تدميرية تطول مساحة كبيرة على المدن والمنازل والمدارس والمستشفيات، ومع أن هذه الجرائم تؤكد أن نظام بشار الأسد لا يحترم القانون الإنساني الدولي ولا يلتزم بالمعاهدات التي تحرّم استهداف المدنيين بمثل هذه الأفعال المحرَّمة إلا أن المجتمع الدولي لا يعترض على مثل هذه الأعمال الإجرامية وإن اعترض فأيام قليلة ثم يصمت ليعاود النظام إجرامه.