د. عبد الله المعيلي
القيادة: تعني القدرة على التأثير في الآخرين بالحجة والبرهان والمنطق والعقل، وليس بالإملاء وشراء الذمم واستغلال أوجه الضعف والنقص، وجعلهم يرغبون طواعية بالانتماء والولاء للكيان وبمنتهى الحماسة، ويتفاعلون بمنتهى الصدق معا في إنجاز الأهداف التي يتفقون ويتوافقون عليها، فهي بمثابة حلقة الوصل، التي تعمل على توحيد الجهود في حل المشكلات وتنمية الأفراد وتحفيزهم ولم شملهم تحت مظلة واحدة جامعة مانعة.
الريادة: تعني الإرادة الحرة الحازمة القادرة على تحويل الأفكار إلى مشروعات تصنع واقعا جديداً في البناء والتنمية يقدر على مواجهة التحديات وتجاوزها، والوقوف صفا في التصدي لها ودحر عدوانها، ليس هذا فحسب بل التمكن من صناعة الأحداث، وفرض الرأي والرؤية في كيفية حل مشاكلها وإدارة أزماتها انطلاقا مما يحقق مصالحها وليس مصالح الآخرين، وجعل الآخر يحترم ما يصدر عنك من أقوال وأفعال.
وليس من باب العاطفة والتحيز، القول بأن: المملكة العربية السعودية بما أنعم الله عليها به، من صفاء العقيدة، وسلامة المنهج، ووحدة الصف، والأمن والأمان والاستقرار، والتأريخ العميق المشرق في تراكم الخبرة الثرية من الحكمة والحنكة والتوازن والاتزان، قادرة على تقديم مشروع حضاري تنموي نهضوي يجمع شتات الأمة السنية، ويوحد كيانها ووجودها، ورؤيتها وجهودها، في مواجهة الأخطار والفتن التي خطط ويخطط لها الصليبيون الجدد، وأعوانهم الصهاينة والصفويين، هاهم الآن يكشرون عن أنيابهم بكل صراحة وبجاحة، ويعقدون العزم على تغذيتها ودعمها بكل ما يستطيعون ماديا ومعنويا ويحق لهم ذلك لخلو الساحة من القيادة المرجعية التي تأتلف القلوب حولها، (خلا لك الجو فبيضي وأصفري).
السنة هم العمود الفقري للأمة، وعلماؤها هم حملة لواء الإسلام الصحيح، وفي الأمة ولله الحمد نخب مميزة من العلماء في التخصصات كافة، الشرعية والطبيعية والنظرية، المهم قيادة تجمع شتاتهم، وتهيئ لهم مراكز البحث وإنتاج المعرفة بما يخدم أهداف الأمة وتطلعاتها، وتدفعهم إلى الإبداع والمنافسة، وفق مشروع تنموي طويل المدى تتلخص أهم بنوده في الآتي:
* صياغة هوية شامة مانعة للمسلم توضح معالم أدواره ومسؤولياته وعلاقاته ودوره في إعمار الكون وتنميته.
* تحديد المرجعية العلمية التي يلتف حولها شباب الأمة ويستجيب لقولها عند حدوث الأزمات والأحداث الجسام التي تتطلب وقفة تعاضدية واحدة.
* تحديد مصادر التكوين الشرعي المعتبرة، ممثلة بكتاب الله القرآن الكريم، وبسنة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وما أجمع عليه سلف الأمة واتفقوا.
* تحديد مصادر التكوين المعرفي بما أجمع عليه علماء الأمة وسلفها الصالح، وبما يجد من الإنتاج المعرفي العالمي الذي لا يتعارض مع الثوابت الشرعية.
* بناء منظومة من القيم الأخلاقية المجتمعية التي تضبط علاقات الأفراد بعضهم مع بعض وتنظم حقوقهم وواجباتهم والتعايش المرن بين كافة أطياف المجتمع الاجتماعية والمذهبية والمناطقية وغيرها تحت شعارات من التسامح والتفاهم.
* بناء منظومة من القيم النفسية التي قوامها تعزيز المحبة، ونبذ مظاهر الكراهية والعنف، واحتقار الآخر وهضم حقوقه.
* صياغة رؤية شرعية للمرأة، تكفل حقوقها وواجباتها، وتحفظ كرامتها، وتصونها من أن تهدر أو تضيع أو أن تكلف فوق طاقتها، تحت ذرائع من الظنون التي تتعارض مع ما تكفل به لها شرع الله.
الأنظار تتطلع للمملكة العربية السعودية وتنتظر البدء في إطلاق المشروع وقيادته.