د. أحمد الفراج
حرب شرسة، تدور رحاها قرب بنسلفانيا أفنيو هذه الأيام، بين الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، والكونجرس الأمريكي بشقيه: مجلس النواب ومجلس الشيوخ، حول الاتفاق النووي مع إيران، إذ إن أوباما يصر على تمرير الاتفاق، والذي سيكون «الأيقونة» التي سيذكره بها التاريخ، على غرار تخليد التاريخ لرؤساء سابقين، مثل إبراهام لينكولن، في تحرير السود، وفرانكلين روزفلت، في دخول غمار الحرب العالمية الثانية، وإعلان أمريكا قوة عالمية، وهاري ترومان، في إلقاء القنابل النووية على اليابان، وإنهاء الحرب العالمية الثانية بنصر مؤزر، وجون كينيدي، وليندون جانسون، في اقرار قانون الحقوق المدنية والمساواة، بين السود والبيض، ولكن عقبة الكونجرس تؤرق أوباما، فمعظم أعضاء الكونجرس صفقوا طويلا، قبل أشهر فقط، لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عندما ألقى كلمته ضد الإتفاق النووي، أمام أعضاء الكونجرس، رغما عن أنف إدارة أوباما!!.
عملية اقرار القوانين، أو الإتفاقيات معقدة نوعا ما في أمريكا، وهي ليست في يد الرئيس وحده، ولا في يد الكونجرس وحده، فهي عملية مشتركة، حرص الآباء المؤسسون للولايات المتحدة عليها، عندما كتبوا الدستور، قبل أكثر من قرنين، وذلك حتى لا يتفرد شخص، أو مجموعة بسن قوانين، قد لا تروق للشعب، فعندما يتقدم الرئيس بمشروع قانون، أو اتفاقية، فإن للكونجرس الحق في الموافقة أو الرفض، فإن وافق الكونجرس بالأغلبية ، يمضي الأمر، ويقر هذا القانون، أما لو رفض الكونجرس بالأغلبية، فإن للرئيس الحق في الإصرار على القانون، وعندها يعود مشروع القانون للكونجرس للتصويت عليه مرة ثانية، فإن اعترض « ثلثي « أعضاء الكونجرس، وليس الأغلبية فقط ، تصبح كلمة الكونجرس هي العليا، ويتم تعطيل القانون، أما لو اعترض أقل من ثلثي الأعضاء، حتى ولو كانوا أغلبية، فإن كلمة الرئيس تصبح هي العليا، ويتم تمرير القانون، رغما عن الكونجرس، ولا بد هنا من التذكير بالفرق بين مصطلحات: «الأغلبية» و»الثلثان»، فبينهما فرق كبير!!.
أوباما في موقف لا يحسد عليه، ففترة رئاسته لم تشهد أي إنجاز يمكن أن يبقي اسمه ضمن الرؤساء التاريخيين، وقد كان حريصا جدا على الاتفاق النووي، لأنه يعلم أن هذا إنجازا كبيرا سيخلد اسمه، إذا أخذنا في الاعتبار تعقيد قضايا الشرق الأوسط، وهو مؤمن تماما بأن «السلام»، وليس «الحرب»، هو السبيل الأوحد لتهدئة هذه المنطقة الملتهبة، ولكن هيهات، فنتنياهو له بالمرصاد، ووراء نتنياهو تكمن منظمة ايباك، وهي المنظمة التي تتحكم بمصير الساسة الأمريكيين، ومن ضمنهم أعضاء الكونجرس الأمريكي، الذي لا بد أن يمرر الإتفاق، فما الذي سيحدث في قادم الأيام، فواشنطن حبلى بأحداث جسام، وهذا موضوع مقالنا القادم!.