أحمد الناصر الأحمد
الإبداع عموماً والشعر تحديداً لا يُقاس بالكم أبداً بل بالكيف.
كم من شاعر يمتلك نصف موهبة أو أكثر أغدق على من يعرف ومن لا يعرف بسيل من القصائد كانت نهايتها مرتبطة في آخر قافية قالها أو كتبها ثم ماتت بعد ذلك!.
سبق أن كتبت هنا عن الشعراء الذين يكتبون في كل شيء وعن أي شيء وكأن الشعر مطية مطيعة أليفة يوجهونها حيثما شاءوا.. متى ما أرادوا!.
الشاعر المكثار قصائده قصيرة العمر في الوجدان الشعبي.. وحين تكون هشة المبنى والمعنى فأظنها بلا عمر أصلاً!.
هذه المرة سأكتب بإيجاز عن شعراء أفذاذ استطاعوا بأقل الأبيات أو القصائد تسجيل أسمائهم في سفر الخلود وذاكرة الأجيال.. هؤلاء رغم قلتهم ليسوا شعراء الكيف فقط بل هم جوهر هذه الشريحة من الشعراء النوابغ المقلين بالكم والمدهشين بالكيف.
نوادر من الشعراء والشاعرات في الشعر الشعبي غادروا دنيانا إلى دار الخلود وتركوا لنا وللأجيال القادمة قصيدة يتيمة أو أبيات معدودة أو حتى بيت يتيم نتيجة ظرف أو موقف أو حادثة غارقة بالوجع والصدق.. فانشغلنا بما تركوا لنا - على قلته - حفظاً وتداولاً واستشهاداً، واستغنينا به عن الكثير من المتشابه والمستنسخ المحيط بنا من كل وسيلة إعلامية!. أسماء هؤلاء المتفردين النوابغ قلة.. ولعل الشاعرة نورة الحوشان وقصيدتها المعروفة التي منها هذا البيت الشهير:
اللي يبينا عيّت النفس تبغيه
واللي نبي عيا البخت لا يجيبه
أنموذج جلي يجسد عمق وصدق عطاءات هؤلاء ويؤكد أن الخلود لا يهتم بكم قلت من قصيدة.. بل ماذا قلت.. هذه الحقيقة يجهلها أو يتجاهلها الكثيرون.