د. عبدالعزيز الجار الله
عاشت بلادنا تقلبات عديدة منذ عام 1980م بسبب الحروب الإقليمية في الخليج العربي، بدأت بالنزاع الذي نشب بين العراق وإيران، ومازالت تأثيرات الحرب وانعكاساتها مستمرة على الخليج، حيث شاركت المملكة في شكل أو آخر في الحروب، لكن لم تكن طرفاً مباشراً أو منفردة به باستثناء حرب الحوثي الأولى 1994م، أما الحروب الأخرى فكانت مشاركة عسكرية أو لوجستية أو تبعات الحرب:
الحرب العراقية الإيرانية عام 1980م، حرب غزو الكويت عام 1990م، حرب تحرير الكويت عام 1991م، تفجير البرج المالي الأمريكي 11 سبتمبر 2001م، حرب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م، الحرب السعودية الحوثية عام 2009م، دخول قوات درع الجزيرة لحماية البحرين عام 2011م، حرب التحالف العربي ضد التمرد باليمن عاصفة الحزم عام 2015م.
رافقت هذه الحروب إجراءات اقتصادية وإدارية ومالية داخل البلاد, من شدة أزمة المصروفات المالية, وقرارات إدارية شملت الوظائف وتقليصات المكافآت والمميزات والتسهيلات الوظيفة حتى وقف معظم المشروعات، فكانت التغييرات شاملة لمعظم قطاعات الدولة الخدمية: التعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية، العمل، التجارة, الكهرباء، المياه . فتعامل الرأي العام مع ظروف الحروب بنوع من الواقعية باعتبار الحرب حدثاً مرحلياً يتطلب الانسجام مع المتغير الجديد، لكن في حرب اليمن 2015م رافقته تقنية جديدة هي التوسع والتنوع في وسائل التواصل الاجتماعي الذي شكل رأياً عاماً وسط المتعاملين به, وشكل في بعض جوانبه رأياً سلبياً تجاه التحولات التي تعيشها المنطقة، ربما في بعضها أصوات مغرضة وأخرى بلا وعي بما يدور في المنطقة، وأصوات أخرى تعكس حجم المخاوف والمنزلقات، لكن الأبرز هو الرأي السلبي، هذا الرأي ليس من واقع الحرب التي فرضت علينا بسبب التدخلات الإيرانية في اليمن، إنما سمة التداول أصبحت سلبية تجاه ما يحدث في العالم العربي وبالتالي انعكس على الداخل.
نحن مطالبون بتغيير النظرة السلبية ليس من أجل أحداث اليمن فاليمن سيتعافى بإذن الله، ولا هي دعوة في تحجيم التعبير والحجر على الأفكار، إنما من أجل النقلة الإيجابية في التفكير والتعامل مع الأوضاع الراهنة والنظر إلى مستقبل الأجيال القادمة، التي تنتظر من هذا الجيل المعالجات والسير بالمرحلة الحالية - المضطربة - إلى بر الأمان، نحتاج من هذا الجيل الذي يمثل القدوات والآباء والشباب الطموح أن يتجاوز الرأي السلبي، ويتعامل مع الواقع على أنه حالة تصحيحية ويعتني بنفسه ويتطلع إلى النجاح، فبوادر الأمل والإشراقات ستأتي لأنّ بلادنا بدأت تأخذ زمام المبادرة بعد أن كشفت أحداث البحرين وحرب اليمن كل أوراق المنطقة من كل الطامعين وما يحاك ضدنا في غفلة من الزمن، كان الخصوم فيها يعملون بالخفاء تحت جنح التخفي لهدم دول الخليج العربي، تكشفت غاياتهم بعد ساعات من حرب اليمن.