د. محمد عبدالله الخازم
أكتب اليوم مقالاً شكله رياضي، لكنه ليس عن الرياضة بل هو مقال عن العدالة، أكتبه بناء على مزحة صغيرة مع أحد الأصدقاء رئيس أحد الأندية الصغيرة - ليس من أندية الممتاز- حول تمثيلهم الشرفي الدائم في بعض المنافسات المحلية وتحديداً في مباريات كأس ولي العهد وكأس الملك. تلك المزحة تحولت إلى شكوى مرة، أستنجد بنا الصديق لإيصال صوته حولها، محسناً الظن بأن هناك من يقرأ أو يتأمل ما نكتبه. ولست أدري هل الموضوع فعلاً يعني القائمين على الرياضة وتحديداً اتحاد القدم، أم أن الوضع كما قال رئيس النادي الصغير؛ يوجد لدينا عدد محدود من الأندية الكبيرة، الكل يعمل لها وبقية الأندية مجرد كومبارس؛ يلعبون ويصارعون وهم قانعون بشرف المشاركة في الحفلة.
العدالة تعتبر أحد أسس الرياضة، بصفة عامة، سواء كانت هواة أو احترافية. ولأجل عدالة المنافسة نجد أن النساء لا يلعبن مع الرجال، لاختلاف التكوين والقدرات الجسمانية, ونجد أن رياضة المصارعة والملاكمة تصنف إلى فئات حسب الوزن لأن الوزن له علاقة وليس عدلاً أن يلعب من هو ثقيل الوزن مع من هو خفيف الوزن. ونجد رياضة أصحاب الإعاقات تصنف إلى مستويات وفق حجم الإعاقة وتأثيرها على اللعبة. وفي كرة القدم نجد أن المنتخبات العسكرية تلعب منفصلة عن المنتخبات الاولمبية او الوطنية، ونجد الفئات تقسم إلى ناشئين وشباب وبالغين، ونجد أن البطولة الأولمبية يلعب بها الهواة وعدد محدود من المحترفين بينما كأس العالم يلعب به المحترفون. ونجد أن البطولات القارية والمحلية تحدد عدد اللاعبين الأجانب نسبة إلى المحليين حفاظاً على العدالة وحتى لا يصبح الأمر من لديه مال أكثر يجلب لاعبين أجانب أكثر على حساب شباب الوطن.. إلخ. ونجد أنظمة مكافحة المنشطات تفرض حفاظاً على العدالة في المنافسات..إلخ.
العدالة مبدأ راسخ في القيم الرياضية وتعتبر أحد أسس الحركة الأولمبية، وهي تعني تساوي الفرص للعبة، ليكون التنافس شريفاً وعادلاً. لكن مباريات كأس ولي العهد وكأس خادم الحرمين الشريفين حفظهما الله، يعتريها خلل كبير في مبدأ العدالة وتساوي فرص التنافس بين الفرق السعودية. وتحديداً؛ مباريات كأس ولي العهد وكأس الملك تتيح لنادٍ أن يلعب بثلاثة أو أربعة أجانب محترفين بينما لا يتاح ذلك الأمر لناد ينتمي للدرجة الثانية أو الأولى. هذا أمر غير عادل لما يحدثه اللاعب الأجنبي من تأثير في ترجيح كفة فريق على الآخر. وليكون الأمر عادلا، فإنه يجب منع الأجانب من المشاركة أمام الفرق الصغيرة التي لا تملك أجانب أو حتى من المنافسة بأكملها، باعتبار أنه لاقدرة للفرق الصغيرة من إحضار أجانب للعب مباراة أو مبارتين فقط.
نفس الوضع حسب ماشرح لي الصديق رئيس النادي سيحدث في النظام الجديد الذي سيبدأ تطبيقه وفيه سيلعب عاشر فريق من الممتاز مع ثالث الدرجة الأولى لتحديد فريق صاعد للممتاز. يقول الصديق بأن عدد الأجانب مختلف بين الفريقين وتوقيت انتهاء وتوقف المباريات يختلف بين الدوري الممتاز ودوري الدرجة الأولى، وبالتالي فإن عدالة المنافسة تنتفي هنا.
طبعاً إضافة إلى محاولة إيصال صوت (المظلومين) في كرة القدم المحلية عبر هذا المقال، فإنني أجبت الصديق رئيس النادي بأن الفيفا هو المظلة العليا المرجعية للعبة، فعليكم رفع شكواكم للاتحاد السعودي بشكل رسمي، فإن لم يتجاوب معكم فأمامكم المنظمة الأم لكرة القدم العالمية الفيفا.
وأمامكم اللجنة الأولمبية وهي من اللجان الرفيعة في غرس قيم العدالة والنزاهة في الرياضة، على مستوى العالم. في كل العالم وعلى مدى التاريخ؛ لم تغرس قيم الرياضة والعدالة، بمجرد البكاء، بل بالجرأة في المطالبة بها!