فضل بن سعد البوعينين
تشن المملكة حربا مستدامة للقضاء على الإرهاب وتهريب المخدرات. تشير بعض الدراسات المختصة إلى وجود علاقة وثيقة بين الإرهاب وتجارة المخدرات؛ التي باتت توفر التمويل المستدام للمنظمات الإرهابية. وأعظم من ذلك اعتماد بعض الجهات الاستخباراتية على تجارة المخدرات لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ عمليات استخباراتية قذرة تتعارض مع المعايير الدولية؛ والقوانين الحكومية الضابطة لعملياتها الاسخباراتية؛ حيث توفر موارد تجارة المخدرات؛ تمويلا بديلا للعمليات الاستخباراتية الفاقدة للمعايير القانونية والأخلاقية.
بالرغم من مخاطر المخدرات المدمرة؛ شَرَّعت بعض الحكومات المارقة زراعة وتصنيع المواد المخدرة؛ والاعتماد عليها كمورد مالي لمواجهة الفقر؛ وشح الوظائف؛ ودعم الاقتصاد. لذا تواجه الأجهزة الأمنية المسؤولة عن مكافحة المخدرات معوقات ومخاطر متنوعة؛ لا ترتبط بعصابات تهريب وترويج المخدرات فحسب؛ بل تتجاوزها إلى مخاطر المواجهات المعقدة مع جهات استخباراتية محترفة؛ وحكومات فاسدة؛ منخرطة في دعم عمليات إنتاج وتجارة المخدرات.
أبتليت المملكة بآفتي الإرهاب والمخدرات وكلاهما يوجه من الخارج وإن نفذ بأيدي سعوديين منخرطين بشكل كلي في عملياتها القذرة. اللواء منصور التركي المتحدث الأمني في وزارة الداخلية، أكد أن الجهات الأمنية «لم يسبق لها القبض على أي شبكات للترويج مرتبطة بالفئة الضالة»؛ وهذا النفي لا يمنع وجود العلاقة المستترة والموجهة من القيادات الخارجية المسؤولة عن استهداف الوطن؛ وقيادة جماعات الإرهاب؛ بل أزعم أن بعض تمويل جماعات الإرهاب المرتبطة بإيران وحزب الله؛ وبعض الأنظمة المارقة مصدره تجارة المخدرات وغسل الأموال.
احتضان أيران لقادة القاعدة؛ ورعايتها المستترة لتنظيم «داعش» يجعل من عملية الربط بين الإرهاب وتجارة المخدرات حقيقة ثابتة؛ مع وجود التقارير الرسمية التي تؤكد انخراط الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في تجارة المخدرات وغسل الأموال؛ وارتباطهم بالمنظمات الإرهابية في السعودية؛ البحرين والكويت.
أصبحت إيران مصدرا لتجارة الحشيش في السعودية؛ وهي تستغل الحدود البحرية لتهريب المخدرات ونقلها عن طريق السفن إلى مروجي الداخل. تمارس شبكات التهريب المنتشرة في الخليج دورا قذرا في استغلال سفن الصيد؛ والمراهقين في تهريب كميات ضخمة من المخدرات مستفيدة من الغطاء الحرفي؛ والتداخل الدائم بين السفن في عرض البحر. لم يعد أمر التهريب البحري مقتصرا على المخدرات بل أصبح مرتبطا بالمتفجرات والأسلحة النوعية المرتبطة بخلايا الإرهاب النائمة وهو ما يستوجب فرض معايير أمنية خاصة للتعامل مع قطاع الصيد البحري وقوارب المتنزهين.
أثبتت الجهات الأمنية قدرة فائقة على التعامل المحترف مع عصابات التهريب؛ والعمليات المعقدة؛ ما أسهم بفضل الله وبركته؛ في حماية البلاد والعباد من مخاطر وأضرار فادحة؛ كان آخرها ما تم الإعلان عنه يوم أمس. كميات ضخمة من المخدرات وأعداد كبيرة من المنخرطين فيها؛ ومبالغ نقدية ناهزت 17 مليون ريال.
الحرب على المخدرات مستمرة؛ وهي في أمس الحاجة إلى تظافر الجهود الأمنية والمجتمعية لتحقيق النصر. يفترض أن تتوزع جهود مكافحة المخدرات بين الجهات الأمنية؛ المجتمعية؛ والمؤسسية. أعتقد أن الدورين المجتمعي والمؤسسي ما زالا غير قادرين على حماية المجتمع من شرور المخدرات؛ خاصة في الجانب الإستراتيجي الشمولي. آفة المخدرات من أخطر الآفات على المجتمعات الآمنة؛ ما يجعل أمر مكافحتها من مسؤولية الجميع دون استثناء.